أنت هنا

قراءة كتاب حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

كتاب أو رواية (حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة)؛ يقول عنه الكاتب د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
 الخروج على الطائفة: 
 
تمت محاكمة سبينوزا من طرف أعضاء المجمع اليهودي عبر مراحل، حيث أصبح في البداية محط شبهة من جراء مناظرته المباشرة لمعلميه بطرح أسئلة متحدية للفكر اللاهوتي الدغمائي، ثم عرف الأمر تصعيداً لما لاحظه أبناء طائفته من فتور من جانبه في أداء الشعائر، ثم انفتاحه على دوائر فكرية متحررة وارتياده للحلقات الدراسية الباعثة على الارتياب، هذا فضلاً عن تجرئه على الجهر بأفكار جديدة تحمل بذور الهرطقة والإلحاد من منظور الطائفة الضيق. في ضوء كل هذا قرر أعضاء مجلس المجمع اليهودي إعداد نص قرار الحرم بأعنف لهجة ممكنة. لكنهم تراجعوا عن ذلك لفترة وارتأوا دعوة باروخ سبينوزا للاستماع إلى رأيه في التهم المنسوبة إليه، ومنحه فرصة للتوبة والتراجع عن أفكاره، أو على الأقل التفاوض معه على صيغة تجنبهم الفضيحة. بل ذهبوا إلى حد تقديم عرض مادي مقابل تكتمه وصمته إلى حين. يبدو من خلال هذه المقاربة البرغماتية التي تعامل بها حاخامات الطائفة مع حالة سبينوزا، أن وضع الجالية اليهودية كان دقيقاً ويحتاج إلى توازنات أكثر لاعتبارات متعددة. على سبيل المثال، كان الوجود اليهودي بأمستردام محكوماً بمدونة سلوك تربطه مع السلطات الهولندية، يلتزم اليهود بمقتضاها باحترام قوانين الدين الموسوي وعدم المس بثوابت الدين المسيحي. وقد عرف هذا القانون المنظم لحريات اليهود في هولندا باسم قانون Remonstrantie وكان قد أعده الفيلسوف وفقيه القانون الدولي الشهير هوغر غروتيوس سنة 1618. ينص القانون على وجوب اعتراف جميع اليهود البالغين أمام السلطات علناً بإيمانهم بإله واحد خالق حاكم للكون، تنبغي عبادته، وبموسى والأنبياء، وبحياة أخرى يكافأ فيها المحسن ويعاقب المسيء. ومن مواد القانون أن كل يهودي ينكر ذلك يكون معرضاً لعقوبة الموت أو العقاب البدني حسب شدة الجريمة. ونص في حيثيات هذه المواد على أن المقصود هو ردع الملحدين الذين كانوا يظهرون من آن لآخر بين صفوف اليهود.(13) وقد كان أعيان الطائفة اليهودية أحرص ما يكونون على دفع تهمة المس بالدين المسيحي بكل الوسائل المتاحة، وإن اقتضى الأمر منهم التبرؤ من أفكار علمائهم وفلاسفتهم الأحرار، كما حدث لهم مع أوريل دا كوستا، الذي تعرض للنبذ مرتين بعد أن كان قد جاهر بنقده اللاذع للنزعة الشعائرية الطقوسية المفرطة لدى الطائفة وأنكر فكرة خلود النفس، وتجرأ على إجراء قراءة تاريخية للكتب المقدسة، مما أحدث جدلاً عنيفاً وشرخاً قوياً في صفوف الطائفة، الشيء الذي عرضه لنقمة رجال الدين الذين أمعنوا في اضطهاده وإذلاله، إلى أن اضطر إلى وضع حد لهذه المهانة بإطلاق رصاصة الرحمة على نفسه. وكذلك الشأن بالنسبة لخوان دي برادو الذي مورست عليه عقوبة الحرم عام 6561 بتهمة الترويج لفكرة فناء النفس مع الجسد، وعدم

الصفحات