أنت هنا

قراءة كتاب حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة

كتاب أو رواية (حياة اسبينوزا - من الطائفة إلى الدولة)؛ يقول عنه الكاتب د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

اللاتينية، التي كانت هي لغة العلم والفلسفة في ذلك العهد.(10) وقد تزامن هذا النزوع لدى سبينوزا مع تأسيس المدرسة اللاتينية، على يد الطبيب فرانسيسكوس فان دن إنده، الذي كان نشيطاً في دوائر المجمعيين ومعروفاً لديهم بأفكاره التحررية، التي كانت تصل أحياناً إلى حد الطوباوية. وقد استطاع فان دن إنده تحقيق سمعة جيدة لمدرسته الجديدة، مكنته من كسب احترام وثقة العديد من العائلات بأمستردام، التي عهدت إليه بأبنائها لتعلم اللغة اللاتينية واليونانية والفلسفة، حتى إن صفوف الدرس كانت تضم العديد من أبناء الأسر الراقية والجاليات اليهودية، سواء من هولندا أو ألمانيا من كلا الجنسين. وقد كان سبينوزا أحد الطلاب الواعدين الذين تعهدهم فان دن إنده برعاية خاصة. ولا أدل على ذلك من أن الفيلسوف الشاب سيتخذ من منزل معلمه هذا، فيما بعد، مقاماً له، ومن مؤسسته فضاء للتعلم ومزاولة التدريس في آن واحد. وحسب روجر سكراتن، فإن سبينوزا تلقى في هذه المرحلة، على يد فان دن إنده، مبادىء الفلسفة الإسكولائية (المدرسية) وفلسفة ديكارت، ومبادىء العلم الحديث، الذي لم يكن سوى علوم الهندسة والرياضيات وفلسفة الطبيعة، التي اشتهر بها علماء العصر الكبار، أمثال غاليلي غاليليو، وفرانسيس بيكون، وتوماس هوبز، وروني ديكارت، وكريستيان هيجنز. كما يشير كوليروس في سيرة الفيلسوف إلى أن سبينوزا تلقن اللغة اللاتينية على يد ابنة معلمه كلارا ماريا فان دن إنده، التي أحبها لنبوغها وذكائها، كما رغب في الزواج منها، على اختلاف مرجعيتهما الدينية. إلا أنها فضلت عليه شاباً آخر من مدينة هامبورغ، كان قد اعتنق المذهب الكاثوليكي من أجل الفوز بها، فيما ظل سبينوزا بدون زواج طيلة حياته. والجدير بالذكر في هذا السياق، أن علاقة سبينوزا بمعلمه أثارت العديد من الأسئلة على كتاب سيرته، الذي ما فتئوا ينقبون في مدى تأثير فان دن إنده، هذاالديكارتي الراديكالي، على شخصية الفيلسوف. وقد ذهب البعض إلى حد اعتبار هذه المرحلة حاسمة في تكوين سبينوزا، واعتبار بعض أهم أفكاره كأصداء لأفكار فان دن إنده، التي وردت في بعض مؤلفات هذا الأخير السياسية والفكرية، والتي تم اكتشافها في وقت لاحق، كفكرة الله أو الطبيعة الشاملة، ونظريته السياسية، كما وردت في مؤلفه رسالة في اللاهوت والسياسة (عام 1670). إلا أن كل الذين كتبوا عن فان دن انده في تلك الفترة، وجهوا إليه تهمة تعليم النشء الإلحاد، وهو حكم ربما كان مبالغاً فيه غير أن الأمر الذي لا شك فيه هو أنه كان من النفوس الثائرة على التقاليد(11) مما جعله محط ارتياب مختلف الدوائر الدينية المتشددة، هذا ناهيك عن أفكاره السياسية المتحررة في مجال الفن والسياسة ونبذ الرق، فاعتبره العديد من الدارسين الطفل الشقي لطليعة التنوير الهولندي حسب تعبير كليفر. ويبدو أن فان دن إنده أدى، في وقت لاحق، ثمن مغامرته الفكرية غالياً، حين حاول تنظيم مؤامرة بفرنسا ضد الملك لويس الرابع عشر، لينكشف أمره ويتلقى جزاءه شنقاً في سجن لاباستيل الشهير في نوفمبر 1674. لقد شكلت هذه المرحلة بحق نقلة نوعية في اختيارات سبينوزا العلمية والفلسفية، حيث مكنته من دراسة العلوم الرياضية وعلوم البصريات التي سيتخذها صنعة لإجراء تجاربه العلمية، ثم حرفة ناجحة لضمان استقلاله المادي بعد موت والده عام 1654 ومغادرة فان دن إنده إلى باريس. ثم إتقانه للغة اللاتينية وتمرسه على فلسفة الطبيعة فتحا له آفاقاً جديدة للنظر الفلسفي لجأ على إثرها إلى دراسة علماء اللاهوت اليهودي، بعقل نقدي فاحص أدى به إلى استناجات حاسمة، شكل بواسطتها آراء جريئة تجاه طريقة تفكير أبناء طائفته من اليهود، معتبراً أنهم غارقون في براثن الفكر الخرافي والجهل، حسب الحاخام مورتيرا نفسه، حينما أوكلت إليه مهمة النظر والفصل في حالة تلميذه الذي اعتبره أول الأمر مبعث فخره وأهله ليكون وريثه الروحي.(12)

الصفحات