رواية "تحولات" للكاتب الكردي العراقي زهدي الداوودي، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
تحولات
الصفحة رقم: 8
على حافة الحلم الذي نقلني إلى بداية كينونتي، عرفت بأنني استنشقت الهواء لأول مرة في مطبخ· لم تكن القابلة رقيقة معي، إذ إنها حين ضربت بقوة على مؤخرتي، جاوبتها بضرطة قوية على وجهها، الأمر الذي لم تعهده من أي مولود جديد آخر· ورغم تألم أمي للضربة التي أوجعتها أكثر من أن توجعني أنا، فإن القابله صفعت مؤخرتي الصغيرة مرة أخرى قائلة: إنه يجب أن يصرخ بدل أن يضرط· ولم أكتف هذه المرة بالصراخ، بل وجهت نافورة رفيعة من البول على وجهها· طرحتني القابلة محتجة على مندر جنب صرصور رابض استهوته رائحة الدم، كي تعتني بأمي التي فقدت وعيها· وفي الوقت الذي بللت القابلة فيه وجه أمي بالماء وضربتها هي الأخرى بصفعة على وجهها، رفعتني مساعدتها وضمتني إلى صدرها الذي مازلت أحس بدفئه، قائلة وهي تشد وجهها على وجهي:
الضرطة والبول دليل الصحة والعافية يا امرأة·
تسلقت جدار الحلم عابرا إياه إلى الجانب الثاني· كانت أحزاني التي تقربني من نهاية العالم تشدني إلى عالم النوم، إلى عالم وردي· كنت مازلت أبكي· كنت بحاجة إلى من يعاملني كطفل· علمت أنني استسلمت للنوم، ورغم ذلك كانت الدموع تبلل وسادتي· كانت يد ناعمة تمسد ظهري برقة غريبة، ومما زاد في خدري ونشوتي أريج القرنفل· كنت أتمنى أن لا أستيقظ من الحلم· وتدفق شيء، ارتعش على أثره كل كياني، أحسست بأحزاني تسيل مع هذا الشيء إلى خارج ذاتي· ورغم عبوري جدار الحلم، أحسست باليد الرقيقة مازالت تمسد ظهري برقة أشد· إنها يد حقيقية ورائحة القرنفل هي الأخرى حقيقية، إذ إنني أحسست بحرارة الجسد الجالس لصق جسدي على سريري· وافتعلت النوم كي أواصل التمتع بنشوة المساج الذي خدر روحي قبل أن يخدر جسدي· عرفت المرأة التي جاءت تواسيني دون أن أنظر إلى وجهها، عرفتها من رائحة القرنفل· كانت امراة جميلة تمت إلينا بصلة قرابة بعيدة، امراة هادئه تعاون والدتي في شئون البيت، حيث تزورنا مرة أو مرتين في الأسبوع، دون أن أعرف شيئا عن زوجها الذي قالت والدتي إنه يعمل حارسا في إحدى المؤسسات التابعة للسكك الحديدية، وسمعت منها أيضا، وهي تتحدث ذات مرة إلى صديقة لها، بأنها عقيمة لا تنجب· كنت لا أنظر اليها كخالة أو قريبة من هذا النوع، بل كإمراة· وكنت أنتظر مجيئها إلينا بلهفة كبيرة، إذ إنها ما إن تنتهي من معانقة والدتي إلا وتعانقني أنا الاخر، فأحس بتكور نهديها وهما يهبطان على صدري، وبرائحة القرنفل تتسرب إلى أنفي، بيد أن ما كان يزعجني هو نظراتها اللاأبالية تجاهي، حيث تعتبرني صبيا صغيرا· ذات مرة أردت أن أوحي اليها بأنني لست صبيا بل شابا له رجولته التي تحن إلى أنوثتها· نظرت إلى عيني بود وعطف قائلة بصوت دافئ: