قراءة كتاب الربيع الأسود

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الربيع الأسود

الربيع الأسود

كتاب "الربيع الأسود ثورة أم ظاهرة أم فصل جديد من فصول تجفيف الأمة؟"؛ إصدار فكري وسياسي للكاتب الإماراتي عبدالعزيز خليل المطوع.

الصفحة رقم: 6
ولكن، كيف؟ ولماذا حدث ذلك؟ فهذا ما يحاول هذا الكتاب أن يتوصل إليه للخروج بإجاباتٍ واقعيةٍ وموضوعيةٍ، قدر ما أسعفت به الإمكانية كاتبًا غير سياسيٍّ، وهي إجاباتٌ أو استقراءاتٌ ناجمةٌ من تفحُّص ما بين سطور المشهد السياسي العربي، وهو في معمعة حالة الفوضى التي ما تزال جرافتها الأمريكية الصنع تمضي في إحداثها باقتلاع الأرضية القديمة للنظام السياسي والاجتماعي، تمهيدًا للبدء في افتعال الشق الثاني من حالة النظام أو إعادة التنظيم بطريقةٍ إبداعيةٍ أو خلاقةٍ(2)؛ إلا أنه يجب الاعتراف للقارئ، بأن الآراء والتنبؤات والتوقعات الواردة في هذا الكتاب لا تستند إلى معطياتٍ معلوماتيةٍ مؤكدةٍ، لأن مثل هذه المعلومات العالية السرية لن ترى النور قبل بضع عقودٍ من الزمن، ولكنها تستند إلى استحضار المعطيات العامة التي تحكم منطق التاريخ وحركته، وتستند إلى ذاكرة التاريخ التي لم تتعرض إلى الآن لعملية الفوضى والهدم والإزالة وبعثرة الأوراق وطمس الحقيقة، وتستند إلى استقراء الأحداث ومحاكمتها محاكمةً منطقيةً بمعطيات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه المجتمعات العربية منذ عقودٍ·
 
عندما كتبت مقالي- المعاد نشره في هذا الكتاب- بعنوان: الحركات التحررية الثانية، وكان ذلك في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2007، أي قبل اندلاع الثورة التونسية بنحو أربع سنوات، لم أكن حينها أملك من المعلومات الاستخباراتية والبحثية ما يمكن أن يوحي لكاتبٍ مثلي بمثل هذا التنبؤ المندفع بطيشٍ شديدٍ في عكس اتجاه التيار السياسي السائد، فقد كانت بحيرة الأوضاع السياسية في الوطن العربي شديدة الاستنقاع والركود، ولم يكن الداخل العربي يزداد إلا سوءًا وقمعًا واستبدادًا وتهميشًا للشعوب، كما لم يكن الخارج الدولي يزداد إلا إهمالاً وازدراءًا للقضايا العربية، لاسيما وأن هستيريا الحرب على الإرهاب قد أعطت الحكومات ضوءًا شديد الاخضرار لاجتثاث أي صوتٍ وإخماد أي ضميرٍ ولو كان ينادي بإصلاح أساليب جمع القمامة؛ ولكنني كتبت المقال من خلال استقراء الآليّة التي يتم بها افتعال الأحداث في الشرق العربي الذي ظل مُسيرًا وظل مسلوب الإرادة برغم احتفاليات الأعياد الوطنية البهلوانية الجوفاء؛ وأيضًا من خلال إسقاط حركة التاريخ على الواقع الذي تُمسك الأجندة الأمريكية بخناقه؛ الأمر المحزن الآخر، أنه على الرغم من شطوحي في الرأي بمعطيات ذلك الوقت، إلا أنني لم أتلقَّ أي تعليقٍ من أي قارئٍ يخالفني في الرأي، وهذا المرور الكِرامي على المقال، ليس لأنني لست بكاتبٍ سياسيٍّ كبيرٍ أو شهيرٍ، بل لأن الجماهير العربية كانت تعيش حالة مواتٍ كامل في الوعي، وتعيش حالة انعدامٍ كاملٍ في الاتزان الفكري، وكانت تعيش حالة فراغٍ كاملٍ في الذاكرة، وكانت تعيش حالة فقدانٍ أو تفريطٍ كاملٍ للهوية؛ وهذا مؤشرٌ صغيرٌ على أن ما وُصِف من الكرنفالات والتجمعات والتظاهرات الجماهيرية على أنه ثورةٌ، لا يصنف علميّاً تحت خانة الثورات؛ لأن الثورات الحقيقية والصادقة تتفاعل وتنضج وتتفجر في الشروخ الفاصلة بين جنون الاستبداد وعبثية الطغيان حيث تحتمي الأنظمة السياسية الفاسدة والمستبدة وراء رعونة البندقية وقهر القضبان، وبين شجاعة المحاولة وصمود الإرادة حيث يعرِّي الشعب صدره ليواجه رصاص القمع وأسوار الإلغاء بفكرة التغيير وبيقَظَة الضمير·

الصفحات