أنت هنا

قراءة كتاب حسين المسنجر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حسين المسنجر

حسين المسنجر

حسين المسنجر، شاب فقير يعمل في مقر جريدة محلية رئيسها رجل مهم ومعروف. تدور أحداث الرواية حول بعض موظفي هذه الجريدة وعلاقتهم ببعضهم البعض. من أجواء الرواية نقرأ:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
1
 
إنها السادسة والنصف صباحاً· ما يزال السكون يتمطّى متثائباً، يأبى الرحيل عن أرجاء مبنى الجريدة· الدوام الرّسمي لن يبدأ قبل السابعة· ها هو حسين يمشي بخطوات متثاقلة باتجاه مكتب رئيس التحرير، حاملاً بيده اليمنى دلو الماء الحار، الذي تصاعدت منه خيوط البخار بعدما علقت بها رائحة المعقم، وقابضاً بيده الأخرى عصا الممسحة التي يمسح بها الأرضية· تباطأت خطواته بعض الشيء عندما اقترب من لوحة الشرف للموظفين المثاليين الجديدة لهذه الدورة· توّقفت خطواته تماماً حينما وصل إليها·· قبل أن يستدير نحوها بكامل جسده، متأمّلاً تلك الوجوه التي تزيّنها· هاهي صورة رئيس التحرير السيد عيسى عفان تتوسط بقية الصور، وتتمايز عنها بحجمها المُضاعف، فبدت كزهرة مطوقة بالنحل الذي يتقاتل ليحصل على شيء من رحيقها·
 
على يمين صورته عُلقت صورة الآنسة شريفة كمال مسؤولة صفحات المجتمع، وعلى اليسار صورة للأستاذ سلمان محمد رئيس قسم المحليات، وصورة للسيد نبيل مراد رئيس قسم الاقتصاد، وأخيراً صورة الأستاذ كريم مدير الإنتاج والشؤون المالية للجريدة·
 
جمدت عينا حسين على الصورة الأخيرة للأستاذ كريم مدة أطول، متأملاً تفاصيل وجهه المُختصرة، بعينيه الضيقتين، وأنفه الصغير المعقوف، وشفتيه الرفيعتين الأشبه بسحاب بنطال (لطالما تمنّى حسين أن يشد سحاب فمه ليخرسه عن البوح بأفكاره اللئيمة!)· تراجع بذاكرته أسبوعاً إلى الوراء، حينما دخل مكتب رئيس التحرير لتقديم الشاي له ولضيفه الأستاذ كريم···
 
- بهذه الطريقة نستطيع زيادة أرباح الجريدة بمقدار 10 آلاف دينار شهرياً· قال الأستاذ كريم·
 
- وماذا عن طلبات الموظفين المتكررة بضرورة زيادة أجورهم؟ تساءَل رئيس التحرير·
 
- أصلحك الله يا بوفهد، هؤلاء الموظفين هم العامّة· إذا شبع الموظف·· فإن أول ما سيفعله هو التمرد على مسؤوليه والمطالبة بالمزيد، أما إذا حرصت على تجويعه، فإنك بلا شك تضمن ولاءه لك·· لأنه سيظل دائماً بحاجة إليك!·
 
- إنها وجهة نظر جديرة بالتأمل!·
 
- بلا شك·· بلا شك· لو تتأمل التجارب التي حولك، ستجد أن طاقة العمل الدؤوب والقدرة على الإبداع تتكاثر بشكل ملحوظ لدى الشعوب الفقيرة التي تحاصرها المشاكل الاقتصادية تحديداً، في الوقت الذي تكاد تنعدم فيه جميع أوجه الإبداع والعطاء لدى الأفراد المرفهين اقتصادياً!· إنها حقيقة!· لذا فطلب زيادة الرواتب، فضلاً عن كونه سيشكل خسارة اقتصادية للجريدة، فإنه سيساهم كذلك في خفض مستوى إنتاجية الموظف وتوعيتها!· هل فهمت ما أعني؟
 
- طبعاً فهمت ما تعني·· اتباع سياسة التجويع تضمن لنا الولاء·
 
ثم استدرك رئيس التحرير قائلاً:
 
- شريطة أن لا نجاهر بهذه السياسة علناً!· يجب أن نتبع سياسة الوعود الكاذبة جنباً إلى جنب مع سياسة التجويع· كلما وعدنا الموظف بزيادة مرتبه، ساهم ذلك في تحسين إنتاجيته·· لأنه سيتطلع دائماً لإمكانية تغيير وضعه·
 
لعنك الله يا كريم النتن!· قالها حسين في سره وهو يخطو بخطواته بعيداً عن اللوحة باتجاه مكتب رئيس التحرير· مضى يمسح أرضية المكتب وهو مستغرق في الحديث مع نفسه·

الصفحات