حسين المسنجر، شاب فقير يعمل في مقر جريدة محلية رئيسها رجل مهم ومعروف. تدور أحداث الرواية حول بعض موظفي هذه الجريدة وعلاقتهم ببعضهم البعض. من أجواء الرواية نقرأ:
أنت هنا
قراءة كتاب حسين المسنجر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

حسين المسنجر
الصفحة رقم: 5
3
بعد أن انتصف النهار دبت الحياة في أوردة الجريدة وفي شرايين ممراتها، حيث بدأت أصوات الموظفين وهمهماتهم ومشاحناتهم تعبىء فراغ المكان· ها هو الممر الطويل الرئيسي للجريدة، تتفرع منه مكاتب الموظفين· وفي آخر الممرّ على اليسار يقع المدخل المؤدي إلى القاعة الرئيسية التي تضم أقسام الطباعة والإخراج والتنفيذ ، والتي تؤدي بدورها إلى قاعة أخرى تضّم نخبة من محرري الجريدة·
ما يزال مبنى الجريدة لامعاً ومُشعاً بأرضيته الرخامية المصطبغة باللون الأبيض اللؤلؤي، وإن طبعت الحياة بعضاً من بصماتها الصفراء والرمادية على جدران المبنى، بعد مرور أعوامٍ أربع على بنائه· كانت المؤسسة قبل بناء هذا المبنى الحديث تقبع في إحدى الزوايا الرثة لمنطقة قديمة من مناطق البحرين· كثيراً ما تمنى موظفو الجريدة- وقتها- أن ينتشلهم القدر من ذاك المبنى المتهالك ليعملوا في مبنى حديث، متكامل البناء يتوسط قلب العاصمة أو أن يُشيد في إحدى المناطق الراقية من البحرين·
تجسد الحُلم لهم على هيئة حقيقية بعد انتقالهم- منذ أربعة أعوام خلت- إلى هذا المبنى المصقول المُتكامل·
الغريب في الأمر، أنّ هذا التغيير- الذي كان ينتظره حسين خصوصاً- لم يبدل الكثير من إحساس الموظفين!· فلم تزل سحنة الكآبة مرتدية وجوههم·· ولم تزل معنويات الأكثرية منهم مُثبطة· فما استطاعت الألوان الجديدة التي بللت الجدران أن ترسم بفرشاتها تعابير مغايرة على الوجوه، ناهيك عن تبديل النفوس!·
كعادته في مثل هذا الوقت، كان حسين يطوف بالمكان للتأكد من قيام العاملين بعملية التنظيفات على أكمل وجه· وكلما أشاح بوجهه يميناً أو يساراً، تلقف تعليقاً لاذعاً من أحد الموظفين أو الموظفات· فقد كان حسين معروفاً بخجله وبصمته المريب لأنه كان قليل الكلام· لم يكن حسين يعبأ بتعليقاتهم أو بتحرشاتهم، بعد أن اعتاد الأمر·
كان حسين دائم الانشغال بالحديث مع نفسه، لم يكن ينفك عن الكلام أو النقاش مع نفسه· إنهم لا يعلمون عن الثرثار الذي يستوطنه، ويصدع رأسه بالكلام ليلاً ونهاراً!·
- مسنجر·· يبدأ الطفل بالكلام في عمر السنتين، أستحلفك بالله أن تقول لي في أي عمر بدأت أنت بالكلام؟ سأله أحد الموظفين ساخراً·
ضجت القاعة بالضحك، في حين رمقه حسين باحتقار لا يدري كيف يصوغه في ردٍ يرد به اعتباره!·
فجأة، أطل عليهم نادر بقامته الطويلة الممتلئة بعض الشيء، تزين ثغره ابتسامته الودود، وهو ينظر إليهم من خلف نظارته الطبية الرفيعة قائلاً:
- أليس لديكم من أحد ترمونه بسهامكم سوى حسين؟ والله لإنّه أفضل من في هذه الجريدة!·