رواية "عطرية" للكاتب السوري ابن الجولان معتز أبو صالح؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت عام 2004، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب عطرية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

عطرية
الصفحة رقم: 7
- وإلا ماذا؟
- دعنا بحق السماء من السخافات ولنستمتع ونبتهج مع الناس·
ابتسم الجندي الحزين وراح يخاطب نفسه: فلنبتهج! كم أنت ساذج يا رفيقي، لكني لا ألومك، إنك كالآخرين لا تعرف ماذ يختبىء في أعماق هذا الموكب، لا أحد يعرف ما يجري هنا سوى إنسان مثلي، بعد أن مشى الموكب على قلبه·
بعد دقائق قليلة من الصمت وجّه حديثه إلى رفيقه:
- إسمع، سأحكي لك أشياء لا تعرفها·
- ماذا؟
- سأحكي لك عن موكب الملك، ولكن قبل ذلك أريد أن أسألك: لو كنت أنا غريبًا عن عطريّة وطلبت منك أن تحدّثني عن هذا الموكب فماذا ستقول؟
- سأقول ما يعرفه الجميع، يسير الموكب مرّة كلّ ثمانية وعشرين يومًا، عندما تصبح الينابيع حمراء، ليبارك الناس ملكَنا مرجان سليل الآلهة فتعود الينابيع في الصباح صافية كما كانت، أليس كذلك يا صديقي؟
- لكنّ الحقيقة ليست كذلك·
- ماذا تقصد؟
سكت برهة ثم أضاف:
- زوجتي انتحرت وهي حامل يا صديقي·
نظر إليه باستغراب وقال:
- أكاد أُجنّ مما تقول· ما علاقة زوجتك بهذا الحديث؟ إنّي لا أفهم شيئًا من هذيانك·
توقّف الموكب· رفع الملك الصولجان بيده اليمنى بشكل مستقيم، ثمّ رفع اليسرى وبسط كفّه حاجبًا أبهامه· إذّاك علت زغاريد النسوة، وازدادت هتافات الرجال· بعد ذلك مباشرة نزل رجل من عربة الهدايا واختار امرأة من الصفّ الأيمن، فتقدّمت نحو العربة· تناول الرجل كيسًا من العربة ودعا المرأة إلى فتحه كي توزّع الهدايا على النساء المصطفّات قرب عربة الملك· ثمّ انطلق الموكب ثانية·
- يا للمهزلة، يشتري الناس بتلك الهدايا·
قالها الجندي الحزين بسخرية· ردّ رفيقه غاضبًا:
- هل تكشف النّقاب عن مشكلتك أم أفضح أمرك! أرى أنك تتمادى كثيرًا·
أجابه ضاحكًا:
- إن فضحت أمري فإنك ستفضح الملك يا صديقي·
- ماذا؟ هل وصلت بك الجرأة إلى هذا الحدّ؟ أن تتهجّم على الملك، لا شكّ أن الآلهة ستنتقم منك·
لكنّه لم يأبه لكلامه وقال:
- هل أنت متزوّج؟
- نعم، ماذا ستقول الآن من ترّهات؟

