أنت هنا

قراءة كتاب ذاكرة المستقبل - مقابسات الشارقة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ذاكرة المستقبل - مقابسات الشارقة

ذاكرة المستقبل - مقابسات الشارقة

"ذاكرة المستقبل.. مقابسات الشارقة" للقاص والروائي العراقي جمعة اللامي، تضمن الكتاب الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عدة فصول حملت عناوين مثل: «كتاب الرئيس»، «كتاب أبو الفنون»، «كتاب أم الكتاب»، «كتاب..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
الخطبة الأولى
 
لا يُعَد سعيداً؛
 
مَنْ طَلَبَ ما لا يَجِدُ
 
(كليلة ودمنة)
 
كم يبدو الطريق أليفاً؛ وأنيساً؛ ومهيّجاً للعواطف والذكريات؛ بين الشارقة وأبوظبي: تقود سيارتك الخاصة؛ أو تكتري حافلة صغيرة؛ أو تدسّ جسدك بين ناس من أجناس شتى، وجنسيات شتى، فيكاد الرمل يكلمك؛ والشجر يخاطبك؛ والبشر يُساررك؛ والسماء تعاينك!
 
إنه طريق معبّد؛ وكان في يوم مضى من رَمْله الرمل، فلا أول له ولا آخر، ولا بداية ولا نهاية· تكاد تضيع بين جنباته، لأن الرمل رمل، شمالاً أو جنوباً؛ وهو كذلك شرقاً وغرباً·
 
والطريق هو الناس؛ والفكر؛ والعمل؛ والعلم؛ والفن؛ والأدب·
 
الطريق: الحياة·
 
وعلى هذا الطريق؛ بين الشارقة وأبوظبي، مروراً بدبي؛ استيقظ القلب من غفوته ذات يوم؛ وهاجت الذكرى، فحضر أبو الطيب؛ والعراق؛ وغار حراء، وبلاط الشهداء، وجبال الأوراس وبوابة الأطلسي؛ والكنعانيون؛ وجبل عامل؛ وسهل نينوى؛ وعدن؛ والبحرين؛ ومستنقعات ميسان؛ والسماء·
 
نعم؛ السماء·
 
ذات فجر؛ والشمس مختفية وخجلى من نور العلي القدير؛ وعلى هذه الطريق بين الشارقة وأبوظبي؛ رأيت الأرض ترتفع نحو السماء· وأحسست بالسماء تقترب من الأرض؛ فاصطكت أسناني، وتجمدت قدماي؛ وسمعت هاتفاً ينادي: مَنْ محبوب غيري؛ أيها الفاني؟
 
وما كاد صوت الهاتف يسيل مع امتداد حرف الياء الأخير؛ حتى نُشت السماء بسبابتي اليمنى؛ وَوَتَدْتُ كعب قدمي اليسرى بالأرض؛ وقلت: لا محبوب إلا أنت؛ تقدَّستْ أسماؤك؛ وتعالى اسمك؛ وعلا جلالك؛ وارتفع مقامك·
 
ثم توقف كلامي·
 
صار لساني جمرة باردة، باردة جداً· وصار جسدي كلّه جنة من نور· لأن صوت الهاتف غمرني بكاملي، وهو يقول: اقترب
 
اقتربتُ·
 
قال الهاتف: ثم اقرأ!
 
قرأت: الحمد لله رب العالمين
 
ومع امتداد حرف النون امتدت السماء نحو الأعلى؛ ونزلت الأرض إلى الأسفل؛ فرأيت في هذا الأوقيانوس من النور، شيخاً كلّي البياض؛ يقود سفينة تجرّها ستة أحصنة؛ يومي إليّ قائلاً: اتبعني؛ لترى القمة
 
تبعته·
 
واتبَعْته؛
 
ذلك الشيخ الأبيض؛ وهو يقود سفينة العرب، سفينة الفكر والأدب والفن·
 
قال: ماذا ترى فيّ؟
 
-: عربيّ·
 
وقال: وماذا أيضاً؟
 
-: عربيّ مسلم·
 
كناية عن أشواق الأرض إلى السماء والملكوت·
 
إمارة الشارقة
 
3/11/2008

الصفحات