أنت هنا

قراءة كتاب تهافت الأصولية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تهافت الأصولية

تهافت الأصولية

كتاب "تهافت الأصولية"؛ إن خطر الأصولية الإسلامية على الحاضر والمستقبل العربي، يتمثل في الإيمان المطلق بالحقائق المطلقة، ومنع النقاش، والجدل، والإبداع الفكري فيها.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 8
الفروق بين السلفية والأصولية
 
-1-
يخلط كثير من القراء، وبعض الكُتَّاب بين السلفية والسلفيين وبين الأصولية والأصوليين· ويعدون السلفية أصولية، والأصولية سلفية· ربما كان هذا الخلط جائزاً وصحيحاً في الماضي، وقبل نشوء الأصولية التي جاءت بعد السلفية· فالسلفية تاريخياً، أسبق من الأصولية· والأصولية لم تُعرف بوجهها الآن، إلا مع ظهور الإسلام السياسي، في النصف الثاني من القرن العشرين، وبدايات القرن الحادي والعشرين· فالإسلام السياسي، هو الأصولية· ومن المضحك، أن نجد بعض الكتاب يقولون لك مثلاً: إن الإسلام السياسي والأصولية، كذا وكذا والصحيح علمياً وتاريخاً أن يقولوا لك مثلاً:
إن الإسلام السياسي، أو الأصولية كذا وكذا
 
-2-
فما هي أوجه الاختلاف والائتلاف بين السلفية والأصولية؟
1- ظهرت السلفية في القرن الثامن عشر، في مجتمعات تقليدية، صحراوية وبدوية، شبه بدائية في الجزيرة العربية، كما سبق وقلنا قبل قليل· وانتشرت بدايةً في النواحي الريفية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ثم في الأرياف الهندية، وكان فقيهها الأول هناك شاه ولي الله· ووصلت إلى بلاد الشام في القرن العشرين، وانتشرت في الأرياف والأطراف، حيث التديّن الشعبي· وفي الأحياء الشعبية العشوائية داخل المدن، وخاصة في سوريا·
بينما نشأت الأصولية، مع ظهور الإخوان المسلمين 1928، وفي مجتمعات مدينية تقرأ، وتكتب، وتتابع ما يجري في العالم· وكان أول انتشارها في مصر، وبلاد الشام·
2-السلفية دعوة دينية اجتماعية، تركِّز اهتمامها على نبذ التقاليد والأعراف والشعائر، التي تعدّها جاهلية، كزيارات القبور، والإيمان بالأولياء، والسحر، والتنجيم، والتعاويذ، والشعوذة، والتصوف الشعبي، وتقديس الموتى، وبعض مظاهر الطبيعة· وتسعى في هذا إلى تطهير الدين والتوحيد من الشرك والوثنية، والعودة إلى الإسلام الأول الصافي· في حين أن الأصولية الدينية، تعدّ دعوة دينية سياسية، هدفها الأقصى إقامة الخلافة الإسلامية والدولة الإسلامية· ولهذا السبب اصطدمت الأصولية مع الأنظمة العربية، ومثالها الواضح صدام الإخوان المسلمين مع عهد عبد الناصر في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، كما اصطدمت دموياً، مع عهد حافظ الأسد في 1982·
3- الأصولية تؤمن بالحداثة، ولكن حداثتها الخاصة بها، تعني وتكمُن في السعي لإقامة دولة الخلافة الإسلامية· والأصوليون حاذقون في معرفة كيفية التفاف سُنِّة الرسول على سُنَّة التاريخ، وبالتالي تتيح لهم هذه السُنَّة الاندماج في حداثة، لا تكون مجرد ظاهرة مستوردة منالخارج، كما يرى السلفيون، بل حداثة نابعة من المجتمع الإسلامي.(9)
بينما تُعادي السلفية - وخاصة آباؤها الأوائل - الحداثة بكل أشكالها، وترمي الحداثيين بالإلحاد، والكفر برب العباد، لأنها لم تعرف الحداثة، ولم تصطدم بها· وليس للسلفية هدف سياسي يتجلّى بإقامة الدولة أو الخلافة الإسلامية· بل إن هدف السلفية الأساسي متواضع جداً بالقياس لأهداف الأصوليين· فهدف السلفية إقامة مجتمع خالٍ من البدع، وعدم تقديس الأولياء، والزعماء السياسيين، والعودة إلى البساطة في السلوك الإسلامي، وتطهير المجتمع من الخرافات، والكرامات، والسحر، والتنجيم، والشعوذة التي جاء بها التصوف الشعبي·
والسلفية تنادي بالعودة إلى الكتاب والسُنّة، وإلغاء كل ما علق بالدين الشعبي من تقاليد، وعادات، وأعراف· وظهر داخل السلفية، فيما بعد تياران:
تيار تقليدي، يرفض أي تجديد، وينتمي إلى أحد مذاهب الفقه الأربعة (الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنبلية)، وهو يتعامل بالشريعة من وجهة نظر أخلاقية بالدرجة الأولى، ويرتبط في بعض الحالات بالتصوف الشعبي·
والثاني تيار إصلاحي ينتقد التقاليد، والعادات، والتدين الشعبي، والصوفية الشعبية الاحتفالية، وزيارة القبور، والاحتفالات الدينية المختلفة كالمولد النبوي، ورأس السنة الهجرية، وموالد الصحابة والأولياء، والعودة إلى النصوص المقدسة والمؤسسة·
4- برز في عصر النهضة المبكرة، ما سمّاه بعض الباحثين كمحمد عمارة بالسلفية العقلانية المستنيرة، والتي كانت تتمثل بجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وعبد الرحمن الكواكبي، وعبد الحميـد باديس وغيرهم· ولا ندري بادئ ذي بدء، كيف تمَّ تركيب هذه التسمية من محمد عمارة·

الصفحات