أنت هنا

قراءة كتاب تهافت الأصولية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تهافت الأصولية

تهافت الأصولية

كتاب "تهافت الأصولية"؛ إن خطر الأصولية الإسلامية على الحاضر والمستقبل العربي، يتمثل في الإيمان المطلق بالحقائق المطلقة، ومنع النقاش، والجدل، والإبداع الفكري فيها.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 10
وعندما سقطت الخلافة الإسلامية في تركيا، عام 1924 لم يهتم لهذا الحدث السلفيون· بل إن السلفيين، كانوا على خلاف شديد مع الخلافة الإسلامية، التي سيّرت عليهم الجيوش في نجد والحجاز، وحاولت الاستيلاء عليهما· ولكن السلفيين - وكانوا يُسمّون بـ الإخوان أيضاً في ذلك الوقت - حاربوهم وصدّوهم· في حين أن الأصوليين حزنوا جداً على سقوط الخلافة·
ويقول بعض المؤرخين، إن قيام جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 ، كان رداً على سقوط الخلافة في 1924· ولذا، سارع الإخوان بالاشتراك مع الشيخ مصطفى المراغي (شيخ الأزهر آنذاك) إلى تنصيب الملك فؤاد خليفة للمسلمين· ولكنهم فشلوا· فأعادوا الكرّة مع الملك فاروق· ولكنهم فشلوا أيضاً، لأن مقاومة الليبراليين بقيادة الحزب الدستوري المصري، في ذلك الوقت مع حزب الوفد العَلْماني، كانت قوية·
6-عُني الأصوليون بالمنظمات، والروابط، والجماعات، والتجمعات الحزبية، والعمل السياسي الجماعي، وكل ما من شأنه أن يصبح قوة فاعلة، لقيام الدولة الإسلامية· وهم من أنشأ رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ومعظم أعضائها كانوا من جماعة الإخوان المسلمين وكل هذا، من أجل أن يُقرّبهم من إقامة الخلافة الإسلامية، واستلام السلطة· فهدفهم سياسي بالدرجة الأولى والأخيرة· في حين أن السلفيين لم يهتموا بالسياسة، بقدر ما اهتموا بإعادة الدين إلى ينابيعه الأولى، وإبعاده عن السياسة· ويلاحظ هنا، أن السلفيين أقرب من الأصوليين إلى العَلْمانية، بما تعني فصل الدين عن الدولة· كما أن الدولة في نظر السلفيين، مجرد أداة، غير ذات قيمة·
7- تُعنى الأصولية بالشروح والتفاسير السابقة، ولا ترغب في فتح باب الاجتهاد الذي أُغلق منذ قرون طويلة· في حين، تنادي السلفية، بفتح باب الاجتهاد، ولا تعتبر الشروح والتفاسير السابقة· وكان سبب مطلب السلفية لفتح باب الاجتهاد، للحد من استئثار العلماء بالنصالديني· فالسلفيون كالأصوليين ليسوا علماء دين في الأصل.(13)
8- تُعنى الأصولية بالحاضر والمستقبل عناية كبيرة، وهذه العناية تعود إلى الهدف السياسي الرئيسي للأصولية· في حين أن السلفية تُعنى بالحاضر في الدرجة الأولى لتخليصه من شوائب الماضي المليء بالخرافات، والكرامات، والتهويمات، الصوفية الشعبية· وعناية الأصولية بالحاضر والمستقبل، متأتية في ناحية من النواحي، باعتبارها أن المجتمع الإسلامي التقليدي القديم قد زال، وحلَّ محلّه التحديث، والتغريب، والكفر، والطاغوت، وعلينا أن نتصدى لهذا كله، لإقامة المجتمع الإسلامي الأصيل، على أنقاض المجتمع القائم الملوث· والأصولية في هذا، حركة جذرية راديكالية، تشبه في بعض وجوهها الحركات والدعوات اليسارية الحديثة الراديكالية· لذا، سريعاً ما ظهر أن الدعوة الأصولية، تُشكِّل انشقاقاً في داخل الإسلام على خلاف السلفية، التي نشأت كفرقة أو مذهب في داخل الإسلام، لتطهيره من الشرك، والمعتقدات الجاهلية السابقة عليه، جاعلة من الوحدانية، وماهية التوحد، والإسلام الصافي، همَّها الأول والأخير.(14)
وعلى هذا الأساس، يمكننا اعتبار السلفية، مظهراً أخيراً من مظاهر العصر الإسلامي الكلاسيكي، وتخضع للآليات نفسها، التي كانت تخضع لها حركات التجديد، في الإسلام القديم·
9- تهتم الأصولية اهتماماً شديداً بالثورة السياسية، والشريعة، وقضية المرأة· فيرى الأصوليون، أن لا وسيلة لعودة المجتمع الإسلامي، وإقامة الدولة الإسلامية (حيث لا تقوم الدولة الإسلامية إلا بقيام المجتمع الإسلامي) إلا بعمل اجتماعي وسياسي، خارج المساجد، ودور العبادة·
في حين أن السلفية، نتيجة لعدم خبراتها السياسية، وعدم طمعها في كرسي الحكم، لا تقيم وزناً للناحية السياسية، وتركِّز اهتمامها على تنقية الدين من شوائب التديّن الشعبي، وحصر الدعوة داخل المساجد، ودور العبادة· أما فيما يتعلق بالحدود الشرعية والمرأة، فنرى أن الأصولية أقل إلحاحاً على تطبيق الحدود الشرعية، كما هو الحال مع الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا والمغرب وغيرها، وهم يرون وجوب أسلمة المجتمع أولاً، قبل المطالبة بتطبيق الحدود الشرعية· فالإسلام بالنسبة للأصولية هو أكثر من مجرد تطبيق للشريعة، والحدود الشرعية· فهو أيديولوجية كاملة وشاملة· في حين أن السلفية مهتمة جداً بالحدود الشرعية، وتُلحُّ على تطبيقها، كما هو حالهم في السعودية، لأنهم يرون في هذا التطبيق، الطريق إلى أسلمة المجتمع· وبذا، فالأصولية تفترض أسلمة المجتمع قبل تطبيق الشريعة، بينما تقول السلفية بتطبيق الشريعة من أجل أسلمة المجتمع· وأما بالنسبة للمرأة، فنرى أن الأصولية لا اعتراض لها على تعليم وعمل المرأة، كما هو حال الإخوان المسلمين من عمل المرأة، في معظم أنحاء الوطن العربي، في حين أن السلفية تعترض على تعليم وعمل المرأة، وكان موقفهم موقف الرافض - مثالاً لا حصراً - من فتح مدارس للبنات في السعودية عام 1962·

الصفحات