في راوية "العباءة"؛ المدينة تغالب نعاسها وتغني ، تستيقظ فيها الحياة صباحاً ، ترقص مع اندفاع السيارات رقصة آلية .، بينما يغط البحر خلف المباني المتراصة مثل تنين نائم .
أنت هنا
قراءة كتاب العباءة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

العباءة
الصفحة رقم: 9
- معك حق· خسران يا معاند بحر!، طيب وبعدين؟
- أبدًا، قلت له: وإذا على القرآن احفظوا عندي· أمام عيني· لكن هل يطيعني ؟! (كانت تتحدث وتحرك أصابعها بطريقة تمثيلية)·
- الله يهديه·
- قولي الله يغويه! (نفضت يدها بحركة لا إرادية) وتابعت:
- المهم يحميه من الجماعات التي لا أعرف من أين جاؤوا· ثم تسألها باهتمام: هل شاهدت نشرة الأخبار أمس؟
-أتقصدين التفجير الضخم في إحدى العمائر السكنية في مجمع الإسكان ؟
- يقولون إنه يشغلها مجندون أمريكيون، وقد استخدم الإرهابيون شاحنة مفخخة استطاعوا إيقافها بجوار البرج السكني المستهدف بعد اجتياز حواجز الأمن عند البوابات الخارجية، وبعد تفجيرها لاذوا بالفرار، مستخدمين سيارة أخرى كانت في انتظارهم خارج المجمع، وقد راح ضحية الانفجار الذي أتى على القسم الأكبر من البرج تسعة عشر قتيلاً أمريكيًا وإصابة ثلاثمائة وخمسين شخصًا·
- زوجي يقول إن السلطات الأمنية بادرت بشن حملة اعتقالات عشوائية واسعة·
- كفانا الله شرهم· (ترد أم يوسف) وتخبط على صدرها من هول الصدمة وهي تسأل: يعني يمكن أن يعودوا لأبي يوسف؟
- لا· مستحيل، زوجك لا يستطيع المشي حتى يشارك في التفجير·
- لكن هم لا يعلمون؟
- لا تخافي يا أم يوسف، فلهم عيون وآذان في كل مكان ويعرفون· (ترد هامسة) وتتابع بعينين جحظتا بقلق: أنا أيضًا أخاف كثيرًا يا أم يوسف وأنا أرى الشباب في الشوارع يتمردون على ذويهم، يسرقون، يحطمون السيارات، أو يعتدون على الصغار، وإن رأيت أحدهم وعلى محياه صبغة الإيمان تآكلك الخوف من كونه إرهابيًا، تقول ثم تدعو موجهة يديها جهة القبلة: الله يجيرنا من هذا الوقت·
الشجرة الاصطناعية تتحرك أوراقها مع دفعات الهواء التي تنشرها المروحة القابعة في الجهة المقابلة؛ فتهتز الكلمات الخارجة من فم أم فاطمة وهي تقول: هذا سرطان انتشر في كل مكان يا أم يوسف، ويا خوفي أن يقضي على الأخضر واليابس·
- ماذا أقول أنا إذن وعندي خمسة (تبلع ريقها) وتؤكد قائلة: خمسة يا أم فاطمة قابلون لأن يجرفهم التيار؟