في راوية "العباءة"؛ المدينة تغالب نعاسها وتغني ، تستيقظ فيها الحياة صباحاً ، ترقص مع اندفاع السيارات رقصة آلية .، بينما يغط البحر خلف المباني المتراصة مثل تنين نائم .
أنت هنا
قراءة كتاب العباءة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

العباءة
الصفحة رقم: 10
تسأل ثم تغيب بلحظة صمت، فيما عيونهما تسرح بالفراغ بينهما، وبعد لحظة تسأل أم يوسف مجددًا: إلا على ذكر السرطان هل عرفت أنّ أم عبد اللطيف خرجت أمس من المستشفى·
- والله ؟·· إذن من الضروري أن أزورها· (وبعد لحظة بدا وجهها وقد أشرق بفكرة مهمة) تسألها:
- ما رأيك في أن أعد لها الغداء؟
بعد ساعتين من الجلسة أمام الفرن ورش السكر على المعمول ووضعه في علب حديدية لحفظه، وإعداد الكبسة، تخرج أم يوسف محملة بقدر إلى الطابق الرابع·
تطرق الباب فتفتحه فتاة صغيرة ذات عينين واسعتين ووجه صغير حنطي اللون، تدلّت منه ضفيرتا شعر ناعم وطويل·
- أين أمك يا منيرة ؟ تسأل أم يوسف، فترد عليها الفتاة بلثغة بسبب انعدام أسنانها الأمامية:
- أمي نائمة· لكن جدتي مستيقظة· تفضلي· تفضلي·
تركض الصغيرة للداخل، تنادي جدتها، فتلحقها أم يوسف بخطوات سريعة بعد أن تغلق الباب بدفعة من رجلها·
- سلام يا أهل البيت· (تردد بصوت عال وتعبر دهليزًا مشابهًا للدهليز في شقة أم فاطمة، ولكنها تلاحظ شماعة عامودية ثبتت بإحكام على الجدار وتدلت منها رؤوس على شكل وردات مثنية للتعليق، أسفلها دولاب بأدراج خمسة وفوقه مزهرية زجاجية فارغة) تصل للصالة فتستقبلها عجوز ممتلئة· غطت فمها بملثم أسود أحكم شده حول رأسها وتدلى طرفه إلى تحت العجز، كاشفًا عن ثوب مزخرف، واسع من الأسفل، تقول لها بفرح باد:
- أهلاً· أهلاً يا أم يوسف حياك الله· تفضلي·
تدخل أم يوسف المطبخ لتضع القدر على طاولة قريبة من الباب· تحرك كفيها ملسوعة من حرارة القدر:
- أحح··لا كلفة ولا شيء يا خالة· ترى هذا من عند أم فاطمة·
تقترب منها· تطبع قبله على رأسها· بينما تدعو العجوز لها ولأبنائها بالبركة· تستأذن منها للخروج، لأن أبناءها على وصول· فتراها نورة وهي متوجهة نحو غرفتها، تلقي حقيبتها على الأرض، تركض نحوها قائلة بصوت مبتهج:
- خالة أم يوسف··!!
- كيف حالك حبيبتي ؟ (وتحتضنها)·