أنت هنا

قراءة كتاب التكثيف البلاغي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التكثيف البلاغي

التكثيف البلاغي

كتاب "التكثيف البلاغي" في القرآن الكريم للكاتب أحمد محمد دعسان، يُعد هذا الكتاب دراسة لغوية لأسلوب القرآن الكريم في جزء عمّ، حيث وقف فيه الباحث على الثروة اللفظية في جزء عمّ.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 4
وأما مصطلح التكثيف البلاغي- عند الباحث- فهو: اختزان اللفظ أو الأسلوب للدلالات المُراد نقلها إلى المتكلم، بحيث تنزاح فيه الكلمة عن حدودها المعجمية، وينزاح التركيب عن حدوده النحوية، والأسلوب عن حدوده النمطية، مع اصطباغ هذا الاختزان بصبغة الإيجاز والقصر، وتتعاضد معه بعض الملامح الأسلوبية التي تُقدم المعنى بالشكل المطلوب في الموقف المناسب، وبذلك نُدْخِلُ في حساباتنا عنصر الموقفِ والسِّيَاق، إذْ تتلون الدلالات وتتفاوت باختلاف الموقف، ويخرج من هذا المصطلح كل حشد بلاغي متكلف لا يسهم في تقديم الدلالة على النحو المطلوب، وكل إيجاز مُخل لم يتناول الدلالات جميعاً .
 
وبذلك تظهر أوجه الاختلاف والتشابه بين مصطلح التكثيف في هذه الدراسة مع ما ذُكر سابقاً، فيتفق مصطلح الدراسة مع مصطلح (ياسوف) في اختزان اللفظ للدلالة، ومع إثباته وجود هذا المصطلح عند القدماء لكن بمسمَّيات أخرى، كما يختلف معه في إلغاء دور الحذف إذْ يُعد الحذف شكلاً من أشكال التكثيف، ويختلف - أيضاً - في اقتصاره على المفردة فحسب؛ لأنَّ التكثيف لا يقف عند حدود المفردة فقد يأتي في التركيب أوالأسلوب .
 
ويتفق مصطلح الدراسة مع ما ذهب إليه (عبدالله) من اقتصاد هذا المصطلح للفظ دون الدلالة، ويختلف معه في تجاوز - مصطلح الدراسة- ميدانَ الصورةِ المجازية، مع استبعاد مصطلح (المسدي) لعدم وضوح ملامحه في إطار هذه الدراسة .
 
وتجدر العودة إلى الحديث عن هذا المصطلح عند القدماء، فقد عرضوا لبعض المُسمَّيات التي تتقاطع مع مفهوم التكثيف أو تتصل به بوجه من الوجوه، ومن ذلك ما أشار إليه الجاحظ (ت255هـ) في كتابه الحيوان تحت مسمّى (الإيجاز) يقول: " ولي كتابٌ جمعت فيه آياً من القرآن لتعرف فضلَ ما بين الإيجاز والحذف، وبين الزوائد والفضول، والاستعارات ... فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز للمعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة " (4)، وكذلك قول الباقلاني(ت403 هـ): " إنَّما يَحسن (أي الإيجاز) مع ترك الإخلال باللفظ والمعنى، فيأتي باللفظ القليل الشامل لأمور كثيرة، وهو نوعان: إيجاز حـذف عن طريق الإسقاط، وإيجاز قصر ..." (5)، وقد سمَّاه بعضهم (الاقتصاد) وهو: "أنْ يكون المُضمر في العبارة على حسب ما يقتضيه المُعبَّر عنه في منزلته"(6) وهذا ضرب من الإيجاز إلا أنَّ فيه ضبطاً لحدود المعاني الكثيرة لكي تتناسب مع الموقف دونما إفراط .

الصفحات