أنت هنا

قراءة كتاب التكثيف البلاغي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التكثيف البلاغي

التكثيف البلاغي

كتاب "التكثيف البلاغي" في القرآن الكريم للكاتب أحمد محمد دعسان، يُعد هذا الكتاب دراسة لغوية لأسلوب القرآن الكريم في جزء عمّ، حيث وقف فيه الباحث على الثروة اللفظية في جزء عمّ.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8
- الباب الأول –
 
التكثيـف فـي الصــورة
 
تمهيد
 
تعد الصورة إحدى وسائل التعبير الموجودة منذ القدم، ولعل أول النصوص التي لامست مفهوم الصورة في تراثنا القديم ما ورد في قول الجاحظ (ت255هـ) عندما تحدث عن الشعر بأنه " ضرب من النسج، وجنس من التصوير " (1) وكأنه أراد بلفظة (التصوير) الصورة، تلك العملية التي تصنع الشعر، وتقدم المعنى للجمهور.
 
وإذا ما تقدمنا قليلاً نرى من القدماء من مزج الصورة بالأشكال البلاغية، ومن هـؤلاء: أبو هلال العسكري (ت395هـ)، فقد ذكر الصورة في أقسام التشبيه، إذْ جعل من أقسامه " تشبيه الشيء صـورة، وتشبيهه لـوناً وصـورة " (2)، وكذلك الأمـرعند ابن الأثيـر(ت 637هـ) عندما عدَّد أقسام التشبيه قائلاً: إما تشبيه معنى بمعنى، وإما تشبيه صورة بصورة ... وإما تشبيه معنى بصورة .. (3) .
 
وكان من القدماء من تجاوز هذه النظرة للصورة، فأدخل (الشكل والمعنى) في الصورة، إنَّه الجرجاني ( ت471هـ) عندما قال في كتابه دلائل الإعجاز: " إنَّما سبيل هذه المعاني سبيل الأصباغ التي تُعمل منها الصور والنقوش، فكما أنَّك ترى الرجل قد تهدَّى في الأصباغ التي عمل منها الصورة والنقش في ثوبه الذي نسج، إلى ضربٍ من التخير والتدبر في أنفس الأصباغ، وفي مواقعها ومقاديرها، وكيفية مزجه لها، وترتيبه إياها، إلى ما لم يهتدِ إليه صاحبه، فجاء نقشه من أجل ذلك أعجب، وصورته أغرب، كذلك حال الشاعر والشاعر في توخيهما معاني النحو، ووجوهه التي علمت أنها محصول النظم " (4) .
 
أما مفهوم الصورة الحديث فقد تعددَ بتعددِ أصحابه ووجهات نظرهم ومدى اجتهاداتهم في وضع مصطلح شامل للصورة، ومن هذه التعريفات ما قاله علي البطل: " الصورة تشكيل ُلغوي ُيكوِّنها خيالُ الفنان من معطياتٍ متعددة، يقف العالمُ المحسوسُ في مقدمتِها " (5)، وعرفتها ريتا عوض بأنها "البعد المكاني للنص الشعري المُحوِّلِ اللُغة عن طبيعتها التقريرية المباشرة عن سياقها الزمني إلى سياق رمزي فني متميز" (6)، ويرى محمد حسن عبد الله أنَّ "الصورة متمردة على جميع التعاريف وهي التشبيه والاستعارة والكناية، وهي صورة رسمت بالكلمات، أوهي الوصف بالكلمات، شُحنت عاطفة وانفعالاً، وهي التعبير ذو الدلالات وهي التجسيد للمجرد" (7) .

الصفحات