أنت هنا

قراءة كتاب عودة لقمان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عودة لقمان

عودة لقمان

"عودة لقمان" مجموعة قصصية للكاتب الأردني الراحل أديب عباسي، الصادرة عام 2003 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
لما أخذا حذرهما
 
جاءت الهرة يوماً إلى أمها وقالت: يا أماه، أنت ترين أن الجرو الصغير جرو ظريف واجب صحبته· فقالت الأم: لا بأس يا بنيتي، ولكن عليك أن تأخذي حذرك، فإن من عادة الكلاب تحدينا والاعتداء علينا كما ترين أم هذا الجرو تفعل بي كلما صادفت مني غرة· فإذا صحبت هذا الجرو فلا تغفلي طرفة عين عن الحذر من نزواته وسراته المفاجئة· فأجابت الهرة الصغيرة: لا تخشي بأساً، فإنني سأظل حذرة محتاطة ولا أدع له سبيلاً لمباغتتي والاعتداء علي وأنا لاهية·
 
ورأى الجرو الهرة الصغيرة فاستظرفها وأحب صحبتها، فمضى إلى أمه وقال: أمه أود صحبة الهرة الصغيرة التي في بيت صاحبنا، فهي هرة ظريفة حقاً وصحبتها كسب ومتعة، فهل تأذنين لي بصحبتها، فأجابت الأم: لا بأس يا بني، ولكن عليك أن تكون حذراً محتاطاً لغدرها وإسراعها إلى الأذى· فالهرة من أكثر خلق اللّه غدراً وغيلة· فأجاب الجرو: لا تخشي سوءاً، فستظل عيناي عليها ولن أمكنها من غدري·
 
واصطحب الجرو والهرة أحسن اصطبحاب، ومضت أسابيع وهما على أشد ما يكونان رفقة طيبة وحسن أخاء، ونسيا التحذير الذي حذرتهما أمهما ولم يدر في خلد أحدهما خاطر من خواطر العداء أو الاعتداء·
 
ورأت الهرة والكلبة ابنيهما يلعبان ساهيين لاهيين ذون أن يبدو من أحدهما ريبة أو توجس، فاستدعت الهرة ابنتها وأنبتها تأنيباً شديداً على غفلتها واغترارها بمسالمة الجرو، ثم قالت لها: إذا أحببت أن لا تجيئي يوماً بكف مهيضة (مكسورة) أو فك مهشم أو شعر طائر فعليك أن لا تغفلي عن نفسك هذه الغفلة المميتة وتركني إلى ظاهر الود والطيبة والوداعة في هذا الجرو الذي تصطحبين وتلاعبين كأنه دمية لا تعتدي ولا تؤذي· فأجابت الهرة الصغيرة: سزكون هذه المرة من الحذر والحيطة كما تشائين، فلا يركبك الهم من نحوي·
 
واستدعت الكلبة جروها ولامته أشد اللوم على ما بدا لها من غفلته واستهتاره باتخذ الحيطة والحذر كما أوصته ثم قالت: إذا شئت أن لا تجيئني يوماً بآذان مشرطة ووجه مشوه وعيون دامعة أو دامية فعليك أن تكون حذراً محتاطاً في ملاعبتك هذه الهرة التي لا تخرج عن كونها هرة· فأجاب الجرو: سألكون هذه المرة كما تودين يا أماه، ولن أغفل عنها طرفة عين، فاطمىني ولا يأخذك الهم من قبلي·
 
وعاد الجرو والهرة إلى اللقاء· ولكن لم تلبث الهرة أن ذهبت إلى أمها تعول وتموء أشد المواء وفي يدها مغرز نابين قويين، ولم يلبث الجرو كذلك أن مضى إلى أمه يصرخ ويتفيث وأراها وجهاً دامياً وأذنين مشروطتين·
 
وقالت الهرة لانتها: ألم أحذرك مرتين أيتها الطفلة الغبية؟ فذوقي الآن نتيجة الاغترار والاستهتار بنصائح الوالدين الثمينة·
 
وقالت الكلبة لجروها: هذه نتيجة عصيان الوالدين وعدم المبالاة بما ينصحان ويرشدان، فذق الآن طعم العصيان والخروج على إرادة الوالدين المقدسة·

الصفحات