"عودة لقمان" مجموعة قصصية للكاتب الأردني الراحل أديب عباسي، الصادرة عام 2003 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب عودة لقمان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
عودة لقمان
الصفحة رقم: 9
العمل الذي لا يعد عملاً
زار صاحب المصنع مصنعه ورأى عاملاً ذكياً يحمل بعض ما يحمل عامة العمال، فسأله ما عمله الخاص وهل هو مسرور منه، فأجاب العامل بأنه لا يعمل شيئاً! فاستغرب صاحب المصنع هذا الجواب، وقال: ولكنني أراك تحمل الأثقال، وهو عمل شاق، فكيف تقول أنك لا تعمل شيئاً؟! فأجاب العامل: أجل إنني بلا عمل، وإن كنت أعمل، لأن خير كفاياتي معطل هنا في هذا العمل· ففكر صاحب المصنع قليلاً ثم قال: وماذا ترى أنك تحسن من عمل أكبر الإحسان؟ فذكر العامل فرعاً من فروع العمل في المصنع، فأمر صاحب المصنع بأن يوكل إليه ذلك العمل من يومه·
وبعد اسبوع عاد صاحب المصنع وسأل رذىس المصنع عن عمل ذلك العامل وما هو سيره في عمله الجديد· فأطراه رئيس المصنع إطراء حسناً وقال: حقاً لقد ضيعنا على العمل وعلى هذا العامل أمداً طويلاً وخيراً كثيراً من حسن العمل وحسن الجزاد بما شغلناه بعمله السابق وحجزناه عن عمله اللاحق هذا الذي يعمله الآن·
وأقبل صاحب المصنع على العامل وهو مكب على عمله مستغرق فيه جاداً منشرح الصدر، وسأله: والآن هل أراك تعمل شيئاً؟ فرد العامل مبتسماً: كلا يا سيدي، والآن كذلك لست أعمل شيئاً! فاستولى مزيد من الدهشة على صاحب المصنع لهذا الجواب، وقال: كيف تقول هذا، وأنت نفسك اخترت العمل الذي تعمل الآن لأن عملك الأول كما قلت يعطل كفايتك؟ فأجاب العامل: أجل يا سيدي هو عين ما تقول، ولكن العمل إذا صادف هوى في النفس وجاء وفق الكفاية والاستعداد عاد لهواً ومتعة فأنا لذلك لا أعمل الآن بالمعنى الشائع لكلمة العمل، إنما أتسلى واستمتع·
وسر جواب العامل صاحب المصنع سروراً شديداً وأمر بترقيته، فوجد أهلاً للترقية· ولم يمض وقت نطويل حتى أصبح وقت طويل حتى أصبح رئيساً لأحد أقسام المصنع الأساسية