أنت هنا

قراءة كتاب عودة لقمان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عودة لقمان

عودة لقمان

"عودة لقمان" مجموعة قصصية للكاتب الأردني الراحل أديب عباسي، الصادرة عام 2003 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
السرور والإنشاد لا يقتلان الأحياء
 
قالت حشرة دؤوب للجدجد: ألا تكف شيئاً عن الإنشاد في هذا الصيف وتجمع لك شيئاً يقيك غائلة الموت جوعاً متى حل الشتاء ؟ وشيء آخر أود أن أنبهك إليه، فقد بت مضغة في أفواه الناس وصرت مضرب المثل في التبطل والسخف ولقد قارنوا بينك وبين النملة الدؤوب فسبوك أشنع السباب في شعرهم ونثرهم وتغزلوا بالنملة وأثنوا عليها أطيب الثناء في شعرهم ونثرهم بل وفي ك تبهم المنزلة أيضاً· فقال الجدجد: إنهم سخفاء كالنملة، ومن هنا يعجبون بها ويتغزلون أن الحياة أقصر من أن نضعها في فضول الجهاد والسعي والدؤوب كما يفعل هؤلاء الناس الذين ذكرت والذين يخرجون من الحياة دون أن ينالوا منها شيئاً· لقد أنساهم الحياة السعي في سبيل هذه الحياة: إنهم لقوم سخفاء·
 
وعادت الحشرة تقول: ولكنك ستموت وتنقطع ذريتك إذا لم تجد وتكد وصرفت كل وقتك في التبطل والإنشاد· فأجابها الجدجد: أما الموت فلا يجيئني وحدي ويتركك ويترك النملة ويترك هذا الإنسان الذي ذكرت· أما ذريتي واسترارها وكثرتها فلعلك لم تمري قط في حرج، ولا سيما حرج من الصنوبر ذي الرائحة الزكية الفواحة· إنك لو مررت هناك لرأيت أنه لا يكاد يعمر الحرج إلا الجداجد وأبنائها وحفدتها· فهل ثم دليل أكبر من هذا الدليل على أن الإنشاد والسرور والمتعة لا تقتل الأحياء في هذه الحياة القصيرة·
 
ولم تجد الحشرة ما تود به على الجدجد وانصرفت لشأنها· أما هو فقد عاد إلى الإنشاد ولسان حاله يقول: سأظل أنشد وأغني حتى لا يبقى في حنجرتي فضلة من غناء وإنشاد·

الصفحات