أنت هنا

قراءة كتاب خبز ودم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خبز ودم

خبز ودم

إلى كل الشهداء الذين سطروا بدمائهم محو عار الصمت
امتداداً من درعا البدء والغنم وقهر الصمت
وانتهاءٌ بحلب قريض الشهادة، وشهامة الردّ
وما بينهما
دمشق عطر التاريخ، وصخب الوقت، وأريج الوعد.

تقييمك:
5
Average: 5 (3 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 6
طال انتظار سعيد لأبيه، وأصابه بعض الضجر، وفجأة شق سمعه هدير سيارات، فظن أن والده قد حضر بحافلته.. ومرت بضع ثوان، قبل أن تطل من باب الدخلة ثلاث سيارات "لاند كروزر" يابانية، من تلك التي يمتطيها الجلادون ثم توقفت أمامه، وترجل منها عدد من الأشباح بكامل عدتهم من السلاح، صوبوا "مواسير" البنادق الآلية نحوه، وهي البنادق التي أخفق حاملوها بالوقوف لحظة أمام يهود في الجولان. تقدم أحدهم نحوه شاهراً مسدساً حديثاً، وقال له بفجاجة:
 
- أنت سعيد..؟
 
- نعم، أنا سعيد.. ماذا تريدون مني؟! كانت كلماته متحشرجة، وأنفاسه متسارعة، فهو يعرف مآل مثل هذه المداهمات.
 
- "إلك لسان يتكلم".. يا...
 
- أنا مواطن ولم أفعل شيئاً.. لي الحق أن اسأل..
 
- مدّ الشبح يده وسحب سعيداً من على عتبة الدكان، وزجّه داخل حلقة من الجلاوزة.
 
- نريدك خمس دقائق وحسب.. ثم تعود .. فتِّشوه، كانت الكلمات تخرج من بين شفتي صاحب المسدس كالطلقات.
 
وسرقوا العشرة آلاف ليرة، ثم دفعوا سعيداً إلى باب إحدى السيارات، ومضوا به دون أن يعرف أحدٌ من أهله أو أهل حيّه أي شيء.. فلا أحد يجرؤ على السؤال، لماذا..؟ وإلى أين.. وكيف..؟
 
بعد شهر من ذلك اليوم.. اتصلوا بوالده ليلاً، وطلبوا منه الحضور إلى مستشفى المواساة في المزة، ليتسلم ولده على حالته التي بينتها آنفاً، ظل أمر ما جرى مع سعيد في المعتقل سراً مدّة شهر بعد الدفن، إلى أن خرج أحد المعتقلين وكان رفيقاً لسعيد داخل جحيمهم، فشرح للناس الذين يهمهم الخبر ما كان من أمر سعيد مع الجلادين، وكان مما قاله: أرادوا من سعيد أن يخرج على شاشة التلفاز، ويروي الرواية التالية: كنت معتقلاً في سجون الصهاينة، ولّما تّم تبادل الأسرى باتفاق بين يهود وحكومة دمشق، كنت أحد الأسرى السوريين الذين سيعودون إلى الوطن، وقبل أن أغادر المعتقل ناداني ضابط الأمن الصهيوني على انفراد، وقال لي: هذه رسالة أريد منك أن توصلها إلى أحد قادة الإخوان المسلمين في دمشق، فنحن وإياهم على صلة وتفاهم بشأن الذي يجري في سورية..

الصفحات