كتاب "أفكار بعد منتصف الليل" للكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي، تقول في مقدمته: "بين يديك نصوص.. لم أعدها في أي يوم من الأيام كمقالات رأي... نصوص عن الإنسان وتطور البشرية، ستجد عدة موضوعات مختلفة لكنها تصب في الإنسان ومبادئه، والمفارقات التي عاشها..
أنت هنا
قراءة كتاب أفكار بعد منتصف الليل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
3)... ولكنها تدور !
تظل الخرافة كالجرثومة في الأوساط العلمية، يتم محاولة إبعاد البحث العلمي عنها بكل السبل والطرق، والسبب بسيط وهو أن الخرافة عدوة المعرفة، فهي تقوم على الجهل والأمية وسطحية التفكير، ويغايرها العلم الذي يدعو للمزيد من الدرس والتقصي والتجريب ومراقبة النتائج.
هنا بون شاسع بين الخرافة والعلم، فكل واحد منهما يقوم على أسس ومبادئ مختلفة كليا عن الآخر، فالخرافة تقوم ببساطة على الكذب، وقد نجدها تنتشر في عدة جوانب سواء أكان دينيا أو اجتماعيا أو ثقافيا، وقد تكون جماعية أو حتى فردية، وقد يكون قديما أو حديثا. لكن السؤال الذي أود طرحه بعد هذا التمهيد، هل للخرافة أثر على المجتمعات والتطور المعرفي؟
الإجابة ببساطة نعم لها تأثير بالغ وواضح، فالمجتمعات التي تنتشر فيها الخرافات تركن لها فتغذي خيالها وتعطل مسيرتها وتعيق تقدمها، ويمكن ملاحظة مثل هذا الخلل في أكثر من مجتمع عربي مع الأسف. وعند التعمق في دراسة هذه المجتمعات نجدها مهووسة تماما ببدائل العلم بوسائل خرافية، فعلى المستوى الطبي قد تجد من يلجأ لشخص يدعي العلاج وهو أبعد ما يكون عن الطب. مشعوذ. وهناك من يظن أن العلاج بيده، بل تجد من يؤمن بأنه يستطيع علاج المشلولين والذين يعانون من أمراض مزمنة. بل حتى في نطاق العلم نفسه تجد الخرافة تحيط به وتتلبس جوانبه، فتفسر الظواهر العلمية وفق أفكار خرافية ترجعها إلى قوى خارقة غير اعتيادية، دون الالتفات إلى الحقائق العلمية والبحوث التي تم وضعها على مدى عقود من الزمن.