أنت هنا

قراءة كتاب أرم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرم

أرم

يستهل زعرور روايته كاتباً: «كان يجب أن أكون ميتاً. أنا واثق من ذلك ثقتك بوجود خمسة أصابع في كفك اليسرى. نجوت بالصدفة المحضة، وعشت».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
كانوا بشراً يطاردهم الوقت وتعوزهم الوسيلة وتعترضهم العقبات.. أمّا هذه الكلاب المسعورة فتواصل نباحها أربعاً وعشرين ساعة دون توقف... يجب أن يتنبّه الناس..
 
أخذني كلامه بعيداً، فرحت أتصوّر حياة السيد المسيح يضرب حافياً في مسالك طبريا وجبال الجليل، وحياة سيدنا موسى تائهاً في سيناء، وحياة سيدنا محمد يتأمّل وحدته في شعاب مكّة فتخايل لي بأنّنا أحوج ما نكون إلى نبيّ يناسب هذا الزمان المجنون ينقذنا من هذه الكلاب المسعورة التي اقتلعتنا من جذورنا.
 
أخذ صوته يتلاشى تدريجياً حتّى صار كالصدى البعيد وراح في جلسته المنحنية يتناءى ويتناءى حتّى بات كالعرجون القديم، أراه ولا أعيه، يتكلّم ويتكلّم دون أن أسمعه، كنت هائماً وراء هؤلاء الأنبياء في زمن البراءة، زمن البدايات الحنونة واليقين الرقيق متأملاً في حياة هذا الفلسطيني التائه، يحاول إنقاذ الروح من براثن الوحش، يسجّل الأحداث والمشاهدات على قصاصات تحملها الرياح فيلهث وراءَها طعيناً ملعوناً، يهذي بالنبوءات مثل شاعر مهموم، يتهجّى أولى قصائده.
 
-إلى أين وصلت؟ ضبطني متلبساً بالشرود، فانتبهت.
 
-ما زلت أمامك أحمل لك فنجاناً ثانياً من القهوة.
 
تناول الفنجان وأشار إليّ بالجلوس، وكنت مخدّر الحواس عندما عاد إلى تنظيراته.
 
كانت له نظرية عجيبة في الأدب تتماهى فيها الرواية بالتاريخ، كان يقول:
 
«إذا أردت التاريخ الحقيقي فالتمسه في الرواية: فهي البشير بقرب تحقّق الأسطورة. وهي النذير باستحالة نزاهة المأجورين من مدوّني التاريخ. لا حدود لممكنات السقوط عند هؤلاء. فأنا أثق بكتاب الأغاني أكثر ممّا أثق بالبداية والنهاية».

الصفحات