أنت هنا

قراءة كتاب أرم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرم

أرم

يستهل زعرور روايته كاتباً: «كان يجب أن أكون ميتاً. أنا واثق من ذلك ثقتك بوجود خمسة أصابع في كفك اليسرى. نجوت بالصدفة المحضة، وعشت».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
لم تُضف مقولته أيَّ جديد. ولكنّ المدهش هو ما لم يقله صراحة، وتكشّف لي بطول التأمّل، فالرواية لا تُحصى مسالكها، وتتوافر على ما لا يُحصى من طرق الفهم، بقدر عدد المستفهمين، بينما ليس للنصّ التاريخي غير وجه واحد للمعرفة، بالاتجاه الذي يذهب إليه النص.
 
واكتشفت أنّ الموازنة بين يقينية الوثيقة وشكوكية الحكاية ترجّح كفّة الثانية. فهذه الشكوكيّة المغوية بسلوك أيسر السبل تقودنا إلى انتقاء أصدق الخيارات ممّا يجعل الحكاية أكثر ديمومة وبقاءً حتّى من الإنسان نفسه، يموت وتستمرّ حكايته.
 
مات العرّاف الذي صاغ حكاية عصفور أبي الحنّاء وظلَّ مغزاها. تقول الحكاية: إنّ عصفور أبي الحناء الأحمر الصدر قد غافل الساحر اللئيم الذي يملك وحده سرَّ النار أثناء نومه، وسرق السرّ (جذوة) وأخفاه في صدره ليقدّمه هديّة للقبيلة التي كان يعيش في كنفها، والتي كانت ترتعد برداً وتأكل طعامها نيئاً.
 
نجح الطائر في مسعاه، ولكن حرارة الجذوة أثّرت على ريش الصدر الذي ظلَّ يتوهّج باللون الأحمر منذ ذلك الحين.
 
يوم قصصت عليه حكاية أبي الحناء هذه (هي أسطورة لا أذكر من أين استقيتها) راح يتأمّلني، يقيسني طولاً وعرضاً بإعجاب من يتحسّس أيقونة أفريقية من النوع النادر، وأخيراً قال:
 
-أنت روائي حقيقي، أصيل.
 
قالها بنبرة إعجاب صريح تخامرني الظنون بأنّني لا أستحقها.
 
كانت ثقته بي تفوق كثيراً ثقتي بنفسي، وكان يقول: «لم أرَ في حياتي من يسيء تقدير موهبته أكثر منك».

الصفحات