في كتاب "والذكريات"، تكتب عادة المذكرات من قبل قواد الجيوش أو أساطين السياسة أو علماء الاقتصاد والمخترعين والمكتشفين وأمثالهم، ليطلع عليها بالمستقبل قواد الجيوش في الحروب ويعلموا أسباب من ظفر قبلهم بالحروب أو من دحر الجيش نتيجة الأعمال المغلوطة، أو ليطلع عل
أنت هنا
قراءة كتاب والذكريات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
الدراسة الإعدادية
الإعدادي العسكري مدرسة ليلية بدأت الدراسة فيها بالصف الأول سنة 1910، والنظام فيها عسكري صارم جداً، من جهة الدراسة أو التدريب العسكري، أو من جهة الضبط والربط والحياة الجندية الكاملة، وقد تصعب هذه الحياة على بعض الرفاق الذين لما يمارسوها، إلا أنني حينما كنت قد تدربت عليها سابقاً عندما كنت في القسم الليلي في الرشيدية، وكنت قد أمضيت بها سنتين، فقد هانت عليّ، أما مناهج الدراسة، فبالإضافة إلى المواضيع العلمية والأدبية من جميع وجوهها، فهناك أيضاً مبادئ في بعض المواضيع العسكرية والتدريب العسكري كل يوم·
ومدة الدراسة في الإعدادي العسكري ثلاث سنوات، إلا أن الصف الأول والثاني منها قد تدرسان في بغداد، والصف الثالث يدرس في إستانبول قبل الدخول إلى الكلية الحربية، وهكذا قضيت سنة 1910و 1911 في صفي الأول والثاني في الإعدادي العسكري في بغداد، وكان سلوكي ونشاطي واجتهادي ممتازاً جداً، وأفتخر بأنني استرجعت مركزي في الصف كأول أحياناً أو الثاني أو الثالث بعضاً، بعد أن كنت خسرت هذا المركز في الصف الثالث الابتدائي لتأخري ثلث مدة الدراسة في الموصل·
وفي الإعدادي لم تكن أسباب عدم محافظتي على المركز الأول في الصف بصورة دائمة هي لضعفي في الدراسة أو لعدم قيامي بواجباتي، إنما كانت لعدم ميلي إلى الألعاب البهلوانية الجمناستك على الحديد أو المتوازي أو الحلق وغيرها، التي هي ضمن المنهج الدراسي وتجري الامتحانات الفصلية والنهائية بها كبقية الدروس العلمية والأدبية، وتؤثر العلامات التي يحصل عليها التلميذ في هذه الألعاب في مجموع علاماته بالامتحان وتقدمه أو تأخره بالصف· وكان أكره شيء عندي أن أتعلق بالحديد أو الحلق أو أن أتقلب على المتوازي أو حصان الخشب، وعليه فقد كان المعلم وإني أعتقد بأنه لم يكن يحسن أيّ لعبة منها ولم أره خلال السنتين قد اقترب أو لعب لعبة واحدة يعطيني بالامتحانات الفصلية والسنوية أقل علامة نجاح بهذا الموضوع فقط، وهذا الذي كان يسبب لي الإزعاج وعدم تمكني من المحافظة على مركز الباشجاويش رئيس عرفاء أو الأول في صفي بصورة دائمة·
وكنت خلال هذه السنين تلميذاً ليلياً مقيماً في المدرسة إلا أيام الخميس بعد الظهر، فأخرج لأبيت في دار أخي فاروق وأعود إلى المدرسة مساء يوم الجمعة·
وبعد انتهاء السنة الدراسية في الصف الأول إعدادي ونجاحي نجاحاً ممتازاً إلى الصف الثاني، سافرت بالعطلة الصيفية إلى الموصل وعلى الأصول وعلى ظهر البغال، وكانت هذه سفرتي الثالثة والأخيرة قبل سفري إلى إستانبول، وبعد أن قضيت مدة العطلة، عدت إلى بغداد وبدأت السنة الدراسية الثانية عام 1911، ولم تختلف الحياة والأنظمة والدراسة والتدريب العسكري وكذا الجمناستك أو البهلوانية كما كنت أسميها عن السنة السابقة، وكنت أكثر اجتهاداً وأكثر فاعلية لواجباتي، لعلمي أنها السنة الأخيرة في بغداد، على أمل أن أحصل على مركز جيد في صفي عند سفرنا إلى إستانبول لإكمال الصف الثالث، وهكذا انتهت السنة الدراسية ونجحت إلى الصف الثالث إعدادي بدرجة جيدة جداً، وبدأنا نتهيأ لإكمال نواقصنا وتجهيزاتنا للسفر إلى إستانبول·