أنت هنا
قراءة كتاب بيت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
عروة بن الورد
فيا للناس ! كيف غلبت نفسي
على شيء·· ويكرهه ضميري ؟
يقول الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في مذكّراته أنه كلما اتخذ قراراً يختلف عن القرار الذي تمليه طبيعته ندم على هذا القرار· وأحسب أن التجربة التي يتحدث عنها نيكسون تجربة مرّت بالناس أجمعين· يشعر المرأ، أحياناً، على نحو غريزي قاطع، أنه يجب أن يتخذ موقفاً معيّناً، وتجبره الضغوط، بمختلف أنواعها، على أن يتخذ موقفاً آخر، فتكون النتيجة الحتمية الندم·
وهذا هو عروة بن الورد، روبن هود الجاهلية، يتحدث، بحسرة، عن اضطراره إلى القبول بشيء يرفضه ضميره· ومن أين جاء الاضطرار ؟ انظر إلى هذا التلميح البديع : فيا للناس ! لم يكن شاعرنا بحاجة إلى أن يضيف أن الناس هم الذين دفعوه دفعاً إلى القبول بما لا يرضاه ضميره· وهنا فرق من الفروق الكثيرة بين الشعر والنثر : الشعر يومئ ويشير، والنثر يفصّل ويطنب·
حسناً ! إذا كنت واثقاً من سلامة موقفك، واثقاً من أنك تتبع صوت ضميرك، فلا تترك لأحد الفرصة في أن يجرّك إلى حيث لا تريد أن تذهب، وإلا وجدت نفسك، بعد فوات الآوان، تردد مع عروة بيته المأساوي هذا !