أنت هنا

قراءة كتاب ثرثرة فوق دجلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثرثرة فوق دجلة

ثرثرة فوق دجلة

كتاب "ثرثرة فوق دجلة؛ حكايات التبشير المسيحي في العراق 1900-1935م"، بعد اجتماعات طويلة ومكثفة في بداية عام 1889م بأحد كنائس مدينة "نيو برونزويك" بولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، صادق مجموعة شبان أمريكان متحمسين على تأسيس منظمة تدعى "الإرسالية الع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
كان هذا المشهد الغريب والمثير في مدن وقرى جنوب العراق تحديداً مع رجال يرتدون بدلات فاخرة وقبعات ويتجولون بكتب مسيحية وسط شوارع قذرة وبيوت متواضعة، كان هذا المشهد هو بداية صراع حضاري متعدد الجوانب ومتنوع القوى مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في العراق·
 
فقد شهد العراق ومنطقة الخليج والجزيرة العربية تحدياً حضارياً كبيراً لم تألفه من قبل، وصراعاً فكرياً ودينياً وثقافياً واجتماعياً خطيراً بين مبشرين أطباء خريجي أعرق الجامعات الأمريكية، تقف من ورائهم مؤسسات دينية تدعمهم مادياً ومعنوياً، وبين شعوب بسيطة لم يكن معظمهم يعرفون حتى القراءة والكتابة، لكنهم كانوا يقدسون معتقداتهم الدينية ويعيشون في تواضع لا يعرف ضجيج الآلات الحديثة التي راحت تغزو أوروبا وأمريكا آنذاك·
 
ورغم عدم التكافؤ في هذا الصراع إلا أن التبشير وجد مقاومة كبيرة غير متوقعة وبأساليب بسيطة، ولذلك عانت الإرسالية الأمريكية ــ برغم تظاهرها بالنجاح ــ من صعوبات كبيرة وهائلة كتب عنها أحد المبشرين قائلاً: من أشق المهام وأكثرها صعوبة الانخراط في أعمال التبشير، خاصة إذا ما كانت تجري وسط جمهور، ليس فقط لا يدرك ما تبشر به، ولكنه يعلم ويؤمن بنقيض ما تبشر به· أما إذا كان المبشرون أغراباً وافدين من بلاد أخرى بعيدة ليست لها صلة ولا رابط فالمشكلة أكبر والمشقة أكثر تعقيداً وريبة وحذراً
 
وفي صفحات هذا الكتاب يجد القارئ بعض حكايات قديمة عن العراق تناثرت بين نهري دجلة والفرات معظمها صار له في ذمة الروزنامة أكثر من مائة عام·
 
لكن هذه الحكايات التي قمت بإعدادها وترجمتها من اللغة الانكليزية من نصوصها الأصلية ــ مع بعض التعديلات والصياغة ــ والتي نشرتها المجلة الدورية للإرسالية الأمريكية الجزيرة العربية المنسية (Neglected Arabia)، كانت في الأصل مجرد تقارير وانطباعات كتبها المبشرون عن أعمالهم وأنشطتهم ورحلاتهم، وأيضاً عن مغامراتهم والحوادث التي جرت لهم في العراق عموماً في الفترة بين عامي 0 0 9 1 - 5 3 9 1م·
 
ولا تكشف أهمية هذه الحكايات كونها تصور الحياة في بعض المدن والقرى العراقية وظروف المعيشة وطبائع الناس وجغرافية المدن ووسائل المواصلات آنذاك فقط، بل إنها أيضاً تتحدث عن بعض العادات الاجتماعية في بداية القرن العشرين، وتروى مدى تمسك العراقيين بدينهم ورفضهم للمحاولات التبشيرية المحمومة لتنصيرهم والتحول عن دينهم·
 
من فرق تبشير أمريكية لا تملك سوى حماس نشر الديانة المسيحية والحضارة الغربية وسط بسطاء العراق عبر أدوات مثل كتب الإنجيل ومشارط الطب وطباشير التعليم، تغير الغزاة بعد عشرات السنين إلى غزاة آخرين من نفس البلاد اليوم جاءوا بجيوش جرارة (لتحرير) العراقيين من الديكتاتورية ونشر الحرية
 
من فرق التبشير إلى غزاة الجيوش المتطورة مضت الآن أكثر من مائة عام بين غزو وغزو، بين تبشير بديانة إلى غزو عسكري يمتلك كل التكنولوجيا والقوة والمال·
 
وبين تلك الغزوات جرت في مياه أنهار العراق حوادث كثيرة وانقلابات لا تحصى وتواريخ لا تعد، وبين تلك الغزوات أيضاً تناثرت حكايات ومغامرات ومواجهات، والكثير من الثرثرة فوق دجلة·
 
خالد البسام
 
البحرين

الصفحات