أنت هنا

قراءة كتاب منعطفات خطرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منعطفات خطرة

منعطفات خطرة

المجموعة القصصية "منعطفات خطرة"، للكاتبة والفنانة التشكيلية الأردنية بسمة النمري، الصادرة عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

تنهدت الصعداء ونهضت تجر قدميها نحو غرفة الأطفال، فهم الآن بأمسّ الحاجة إليها، إذ أنها قد عودتهم الإلتجاء إلى غرفتهم عند بداية كل شجار، وعدم التدخل أبداً في ما بينها وبين والدهم حمايةً لهم من شرِّه وأذاه،·· لا تخافوا يا صغاري، مهما حصل فلن أموت، إنه شجار بسيط يقع دائماً بين أي والدين، إنسوا الأمر الآن فعندي لكم مفاجأة، أنظروا، لقد أعددت لكم طبق الحلوى التي تفضلون، وزعت القطع بينهم وأخذت ترقبهم وهم يأكلونها ودت لو تستطيع أن تطعمهم قلبها بدلاً منها··يا إلهي كم أحبهم··، كان ولعها وتعلقها بهم يزداد مع ازدياد تنكيل والدهم بها، وكأن حبها لهم كان ملجأً أميناً وحصناً متيناً يذود عنها الأذى ويحميها من أن يصيب روحها فيميتها· كانوا يتناولون الحلوى بصمتٍ ووجوم وعلامات الحزن والاكتئاب تبدو على وجوههم·· هه، ما بكم؟·· إنها لذيذة، ألا تعجبكم؟··· وهمَّت بتناول قطعة منها كي تشجعهم، لكنها لم تستطع، فقد كان فكها عاجزاً عن الحركة بتأثير إحدى الصفعات الكثيرة التي تلقتها، ولما تلمسته بأطراف أصابعها بغية تليين حركته، ندت عنها صرخة سبقت محاولة كتمانها· كان الألم شديداً للغاية، أحسَّ به أطفالها، إذ لم يكن هناك مجال لإخفائه أو مداراته على الأقل، وآثاره كانت تبدو واضحةً على وجهها وجسدها، هزّت رأسها بأسىً وحرقة والتهبت في جوفها نيران السخط والثورة، وتصاعد دخانها الأسود حتى شمل عقلها وصبغ أفكارها المتضاربة بلونه القاتم حين رأت صغارها وقد نكسوا رؤوسهم في محاولةٍ لاخفاء دموعهم عنها، وأحست بألم الغصَّة التي وقفت حائلاً بينهم وبين تناول قطع الحلوى التي بللتها تلك الدموع· احتبس كل الكلام الذي كانت تُعدّه سلفاً لمثل هذه المواقف فانسحبت بهدوء دون أن تنطق بأي كلمة، فجأة فقدت كل الكلمات معانيها وضاع الترابط المنطقي بين مقاطعها، هُيىء لها أنها لن تتمكن من لفظ حروفها لو حاولت ذلك· أيقظت زوجها ليستحم، ثم توجهت نحو المطبخ وأعدّت له عشاءه، كأحسن ما يكون، حملت الصينية وعادت بها إلى غرفته حيث اعتاد أن يتناول وجباته وحيداً فيها· فتحت خزانة ملابسه وانتقت له ثيابه التي سيرتديها بعناية فائقة، مدّدتها أمامها على سريره، البنطال أولاً، يليه القميص، عدّلت ياقته المنشاة حول ربطة العنق الأنيقة ومررت تحته السترة السوداء، شدّت جوانبها إلى الأمام وردّتها فوق القميص، ساوت كُميها على الجانبين وأحكمت أزرارها الذهبية بحرصٍ بالغ، تراجعت قليلاً إلى الخلف، أمالت رأسها وأخذت تتأمل المشهد أمامها، لقد اكتملت الصورة الآن· وابتسمت راضية عما أنجزت· لطالما حلمت بهذه اللحظة، وها هو ذا حلمها قد تحقق، زوجها ممدداً أمامها على السرير، لا حول ولا قوة له وتحت رحمتها تماماً، لكنها لن ترحمه ·· لن ترحمه أبداً ! ···

الصفحات