أنت هنا

قراءة كتاب شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

ذكرياتنا هل تموت؟ ربما نفقد بعضها وربما يخفت البعض الآخر منها لكن الجزء الحبيب والعميق في النفس يظل الصدى يهز شغاف القلب بين الحين والحين··

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
غازي العبادي
 
تساءلت عن ابتسامته؟؟
 
غازي أيها الإنسان الطيب·· أيها المبدع الكبير، أيها المتواضع حد السذاجة، يا نقياً كالسلسبيل··
 
أقسمت أن لا أكتب كلمة رثاء حتى عن أقرب الناس لي·· حين جاءني نبأ وفاتك·· استغفرت ربي أول الأمر، وعدت إلى نفسي لأكتشف أن الكتابة عن من نحب·· أو عن من تركوا في نفوسنا نقاط ضوء مشرقة ومتألقة·· تعبير عن وفاء إنساني وفرض من فروض الصداقة والحق والحقيقة··
 
وأنت واحد من أروع من نحب ومن تركوا فينا وعلينا فيضاً من الضوء الذي لن ينطفئ·· فكيف لا أكتب··؟
 
سأكتب ولكن ليس رثاء كما تعارف عليه الناس·· بل ذكريات صغيرة ما زالت في الذاكرة طرية وندية··
 
حين كتبت قبل سنوات سيناريو قصته السور وقدمتها للتلفزيون كان سعيداً كالطفل·· تمنى منذ زمن أن يرى الناس شخصياته حية أن يقرأوها حسب··· فالكثير من شخصيات قصصه تصلح أعمالاً درامية وللتلفزيون بالذات·· لكنه كان متردداً خشية أن تمسخ تلك الشخصيات وتضيع في الفهم الخاطئ لها··
 
حين شاهد التمثيلية، وجلسنا لنسجل الندوة عنها، بعد العرض·· كان غازي متواضعاً إلى حد دعاني لأن أشير إلى جوانب في العمل لم أرض عنها حتى ي سياق وكتابة السيناريو والذي أتحمل أنا مسؤوليته شخصياً··! وقلت لوأعدت كتابة العمل لملات شخصيات القصة شحنات من الطيبة تفوق ما ظهرت عليهم أو فيهم·· لأن غازي المؤلف هذا الرجل النقي·· يمكن أن يملأ شخصيات حية - بطيبة تمحو آثار الخشونة التي ظهرت في بعض المشاهد·· ولو وزعت كل رقته التي أبداها في الحديث عن العرض الذي شاهده لاكتسبت الشخصيات وفاء من صاحبها غازي·· لتكون هي وحوارها وأحاديثها أقرب إلى الشعر، وتصبح بعد هذا·· قصيدة شعر تشاهد من خلال عين شاعرها·· غازي العبادي··
 
حين دخل المستشفى وكنا نحن أيضاً في عمان·· ذهبنا لزيارته فلم نجده·· حسبناه قد فارق الحياة، لكننا علمنا أنه نقل إلى أفضل مستشفى ليعالج على حساب الدولة·· بأمر من السيد الرئيس القائد··
 
وحينما خرج من المستشفى ليعود لوطنه العراق راحوا يبحثون عن جواز سفره·· لأنه قد ذاكرته وما عاد يدري أين هي أوراقه··!
 
هذا الذي يتذكر كل اسم من شخصيات قصصه ورواياته وفي أية قصة أو أي حدث كان صاحب ذاك الاسم·· ويتذكر كل حالات المحبة والوفاء والفارق·· واللقاء··
 
في بغداد التقيت به ي مقر مجلة ألف باء مع شريكة حياته الوفية·· ورحنا نضحك مما حدث له وما كان وكت له على أن الدنيا أرحب وأبهى من أن تنتزع عنه وهج الحياة وحيويتها··
 
ابتسم وأراد أن يقول شيئاً·· لكنه سكت والابتسامة ظلت مرتسمة في وجهه تحمل ألف معنى ومعنى··
 
حين علمت بنبأ وفاته·· تساءلت: هل فارق الحياة والابتسامة ما تزال مرتسمة في وجهه ومحياه الرائقالطيب·· هل ما زالت؟
 
13/5/1998

الصفحات