أنت هنا

قراءة كتاب شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

ذكرياتنا هل تموت؟ ربما نفقد بعضها وربما يخفت البعض الآخر منها لكن الجزء الحبيب والعميق في النفس يظل الصدى يهز شغاف القلب بين الحين والحين··

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
وحيد الشاهري
 
الذاكرة التي انطفأت··!
 
في الخمسينات كان حماسنا كبيراً في متابعة الأفلام السينمائية الجيدة أولاً·· ثم متابعة الأفلام الأخرى أياً كان مستواها، من أجل أن نتعرف على كل سياقات ومضامين تلك الأفلام لتكتمل الرؤية ونكون الموقف من خلال تناولنا لتلك الأفلام بالنقد والتحليل··
 
كنا في تلك الفترة وما قبلها·· نكاد نتلاقى كل أسبوع أو بين أسبوع وآخر·· في اليوم الأول من عرض الأفلام الجيدة·· التي سبقها إعلام وإعلان عنها·· تكاد الوجوه تتكرر· بل كانت تلك الوجوه تتلاقى بعد ذلك·· لتتبادل وجهات النظر بشأن هذا الفيلم أو ذاك·· من بين تلك الوجوه التي كانت تظهر بتواضع وبخجل أحياناً شاب أسمر اللون نحيف القوام·· نراه ولكننا لم نكن نعرفه·· ولأقل لم كن أعرف اسمه·· ومرت سنوات وكانت لقاءاتنا المسرحية·· خلال التمرينات أو قبل العروض وتتكرر·· وإذا بنا أمام ذاك الشاب الذي ظل متواضعاً خجولاً·· لكن رغم ذلك كنت -أنا بالذات- ألاحظ اهتمامه وحماسته·· وفضوله أحياناً في معرفة تفاصيل حالة ما، وأشياء ذات علاقة بالمسرحية··
 
قبل أشهر من نهاية عام 1998·· رأيت ذاك الذي كان شاباً كهلاً يدخل مجلتنا ألف باء ليقدم إلى قسم الفنون عدداً من مقالاته·· رأيته يدخل بذاك الهدوء بل وبالخجل أحياناً، لا يعلو صوته إلا بقدر إسماعك ما يريد حول هذا المقال أو ذاك·· بل ظل لفترة طويلة وهو ينشر مقالاته النقدية أو الأرشيفية·· ظل متردداً في طلب نسخة من المجلة التي نشرت فيها مقالاته!
 
بين الخمسينات وبين نهاية عام 1998·· وقد فارق·· وحيد الشاهري الحياة بعينا لهدوء والصمت وبلا ضجيج·· بين هذه السنوات الطويلة، كانت بيني وبينه معرفة عميقة بدأت بعد سنوات من تعارفنا الذي أشرت إليه·· وكان ذاك التعارف الجديد عبر مقالة كتبتها في 14 تشرين الأول عام 1977 بعنوان كيف الكيف؟ وفيه مفارقة بطلاها شخصيتان في مقهى البيروتي الشهيرة، فقد وصلتني رسالة من وحيد يشير إلى أن إحدى هاتين الشخصيتين والتي تقدم، القهوة لزبائن المقهى·· هو أبوه حسن الذي اشتهر وعرف بقهوته التي يفضلها كل زبائن المقهى·· ولم تكن الرسالة تقدم هذه المعلومة حسب بل راح وعبر ذاكرته الغنية المتقدة يستعيد لي شخصيات صوب الكرخ·· ومحلاتها·· وأطرافها·· 

الصفحات