أنت هنا

قراءة كتاب النورس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النورس

النورس

الداخل إلى مجموعة "النورس"، عليه أن يكون أنيقاً، كأناقتها، ومعطراً كعطرها الذي يمسك بحواس القراءة، يقودها عبر حقول مروية، وأشجار يانعة، وتلال وسفوح، ووجوه مغرفة في العزلة، بل متيمة بالعزلة..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
كان عبد السلام ممددًا على الأرض مخضباً بالدماء ·· هامداً لا حراك فيه ·· ممزّق الجسد ·· فمه فاغر ·· ومنه امتد خيط رفيع من الدم· عيناه مفتوحتان في جمود، ويده ممدودة، وقد قبض على بقايا من الحلوى بشدة، وكأنه أراد أن يجعلها جزءاً من أصابعه· وليس بعيداً عنه كان خميس ملقى على الأرض، والدماء تنزف من رجليه، وتصبغ الحشائش الخضراء بلون أحمر قان· كان يئن ويستغيث بصوت متحشرج· آه يا بابا ·· يا سيدي (8)ربي ·· يا سيدي عبد العالي ( ولي القرية) ·
 
اختلط هرج الرجال مع صراخ النسوة، والكل في ذهول شديد، والدموع تذرف كالأمطار، وأسئلة حائرة ماذا حدث ·· ماذا جرى ·· تتساقط من الأفواه الفاغرة، وتتردّد في أرجاء الغابة·
 
تلألأت في عيني حسن العطار دمعتان ساخنتان· ما لبثتا أن طفرتا وانهمرتا على خديه وهو يقول ·· (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعـي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي و أدخلي جنتي)·
 
نقل القرويون خميس إلى مستشفى المدينة المجاورة· غطوا جثة عبد السلام برداء صوفي أبيض، وحملوه على الأكتاف، وضياء الغروب الشاحب يلفظ أنفاسه، والعتمة تمد أجنحة من الكآبة على طرقات القرية، والأشجار المتشحة بالأسى تنتصب صامتة خرساء·
 
حمل القوم جثة عبد السلام إلى بيته· كان والده خارج القرية، أما والدته فقد كانت قابعة بالبيت لشدة مرضها ·· وما إن رأت جثة ابنها الوحيد حتى انهارت، وفقدت عقلها·
 
أثبت التحقيق فيما بعد ·· أن عبد السلام عندما كان يلعب في الغابة وجد قنبلة صغيرة - كانت هدية موت مجّانية معلّبة خلفها الغزاة الذين رحلوا بعد أن اجتاحوا أرضنا - فأخذ يتفحّصها في فضول ودهشة معتقداً بأنها لعبة، وحينما حاول تفكيكها انفجرت، وصرعته، بينما جرح خميس بن المجذوب، والذي عولج فيما بعد، ولكن بترت ساقه اليمنى·
 
لا يزال الألم يعتصر القرويين وهم يذكرون تلك الحادثة المشؤومة، كلما زاروا مقبرة سيدي عبد العالي حيث ينتصب قبر طيني صغير بين الأعشاب البرّية وزهور الدفلى·

الصفحات