أنت هنا

قراءة كتاب كتاب الياسمين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كتاب الياسمين

كتاب الياسمين

كتاب "رواية الياسمين" للكاتب العراقي شاكر الأنباري، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
الصالة التي دخلها واسعة، تتألف من قسمين، الاول منخفض الارضية فيه شبابيك صغيرة تطل على الحديقة الخلفية· الشبابيك مفتوحة وضوء الشمس يدخل باعمدة مستقيمة ثم ينسكب على السجاد، وفي النوافذ رتبت اصص لطيفة مزهرة وغير مزهرة:لسان الثور، قلب العاشق، دماء الثور، اقحوانة صغيرة، لبلاب مقزم، وشجرة سرو في اول نموها· كان الهدوء عميقا، والصالة الاولى خالية من البشر، وهناك كراس ومقاعد واطئة من الخشب وشراشف مكومة في زاوية الصالة· واجهته السجادة الممتدة من السقف حتى الارضية المكسوة بموكيت رمادي· السجادة مصنوعة من خيوط غامقة اللون، تبرز فيها مثلثات تتحدر منها سلاسل تنتهي بخرز ملون، تجاورها عقود من العقيق الاخضر والاحمر، مرصعة بليرات واقواس مذهبة تشبه حلق الاذن، ذكرته احدى تلك الحلقات بما كانت ترتديه امه ايام شبابها· وسط السجادة زخارف نباتية تنتأ من ساق طويلة صفراء، الازهار الحمر تتعنقد من الاغصان، فيها الوردي والاحمر النبيذي والاصفر المشرب بخضرة خفيفة·لاتحتاج تلك الورود الا نسيمة هواء كي تنتثر في الصالة وتجمل المكان بروحها الفذة· اما الاطار الاعلى فخيط اصفر غليظ يتدلى منه الودع من كافة الالوان، شكلت مظلة احالت ذهنه الى هوادج البدو ايام زمان· لا يحتاج المخدع سوى عروس ذات وجه صبوح، وحاجبين مقوسين يمكنان الرموش من تسديد سهامهما· كيف وصلت هذه السجادة الى هنا؟ لابد ان ياسمين جلبتها في واحدة من رحلاتها الى بلاد الهند وسيلان، او التيبت أوافغانستان· قال مع نفسه بوركت الاصابع التي سوّتها، والايادي التي حملتها عبر البحار والصحارى لتحط في صالة البهاء هذه· تمتع ابصار القادمين الى كشف اسرار الروح، المحمولين على اجنحة الرقص والتأملات·
 
تخلص من سحر السجادة، وارتقى درجتين عاليتين، وولج الباب الفاصل بين الصالتين· وجدهم ساكنين· ياسمين تجلس على الارض، ببنطالها الاخضر الخفيف وعليها كنزة خضراء وقميص اخضر وترتدي حذاء بيتيا خفيفا اخضر هو الآخر· الكل جالس على مقاعد خفيضة من الخشب، جلسة تأمل· كانوا مغمضي العيون ايديهم في احضانهم ورؤوسهم تحدق الى الامام دون تعابير، دون حركة· اتخذ مكانه بينهم وجلس على الخشبة· اطرق مغمضا عينيه، وتوغل في داخله، وكان ذهنه بياضا شاسعا· قالت ياسمين بملامح هادئة: امحوا كل شيء في الذهن، كل صورة او وجه او فكرة· حدقوا في اللاشيء، واغلقوا حواسكم عن العالم الخارجي····

الصفحات