أنت هنا

قراءة كتاب سنوات الضياع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سنوات الضياع

سنوات الضياع

كتاب "سنوات الضياع: سيرة صفد تاريخاً و شعباً"، الذي اهداه الكاتب علي الصفدي لروح والده، قائلاً: الى روح والدي رحمه الله التى حلقت معي عبر الصفحات القادمة، وقفزت منها الى موقع الأحداث التى تدور حولها، الى اجواء مدينة صفد تأبى مبارحتها كما بارحها جسده قسرا، و

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ثم سمع تعليقا من أحد المتابعين للحوار قال فيه:
 
- لا تيأس يا أخي فالكلمة الفصل ألان هي للجيوش العربية التي أوشكت أن تدخل فلسطين لتطرد اليهود الغاصبين منها ، وتعيدنا أليها في اقرب وقت إن شاء الله ، والنصر مؤكد بإذنه تعالى. فهل يعقل ألا تنتصر جيوش سبع دول عربية على شراذم مسلحة من اليهود ، توكل على الله فان النصر من عنده وأراه كما أراك الان امامي.
 
ورد الرجل قائلاً :
 
- الله يسمع منك يا اخي ، ويكون النصر الى جانب امتنا، ولكنه ليس بالأمر الهين، فها نحن نلقى كالفضلات خارج بلدنا، والعالم يتفرج علينا ولا يحرك ساكنا، ولا يعنيه سوى ارضاء اليهود.
 
اقترب معري صفد الشيخ سليم الخضراء الذي يسير بخطى متثاقلة على قدمين واهنتين يحمل على كاهله أعوامه التسعين وقال متحسرا:
 
- راحت البلاد وتشرد العباد، وانشطر الفؤاد .
 
ثم أجهش بالبكاء مرددا شعره القائل:
 
صفـد وطنـــــي وبها وطــــــري
 
حيا صفـــــــدا وابل المطـــــــر
 
ظل يواصل الترديد والدمع يبلل لحيته البيضاء . وتختلط شهقاته بتحسره وتساؤلاته المتوسلة:
 
ـ هل أعود لادفن في ثراك يا صفد ، من يدري. لا أريد شيئا من هذه الدنيا ، فقط أريد أن أدفن في بلدي ، في جوف تربتها الحانية .. فقط.
 
أجهش الرجال والنساء بالبكاء ، وأصيبوا بحالة من الهذيان والتشنج. وتواصل النحيب بصوت عال ، وظلوا هائمين على وجوههم ، فتعثرت أقدام المسنين منهم ، وسقط بعضهم مما أوقف سير جموعهم. كانوا يشعرون بأقدامهم تزداد ثقلا تحتهم ولا تقوى على حملهم ، وكأنها تسمرت في أرضها لا تريد الابتعاد عن مواطئها التي اعتادت عليها في وطنها، لم يصدقوا ما تراه أعينهم والكثيرون اعتقدوا انهم في حلم لا في علم ، وانهم تحت وطأة كابوس جماعي مرعب حل بهم ولا بد أن يزول ، إلا أن مأساة الضياع كانت واقعا أليما اخذ يدركه المهاجرون السابحون في فضاء مجهول شيئا فشيئا وهم يرون الموت يتربص بشبابهم ، والإعياء يصرع كهولهم ، والجوع ينهش أطفالهم.

الصفحات