أنت هنا

قراءة كتاب البرامج الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البرامج الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون

البرامج الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون

في كتاب "البرامج الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون"، إن أشهر الأعمال الصحفية هذه الأيام تجري عبر قنوات الاتصال المرئية وخصوصاً الفضائيات، وعلى الصحفي أو المحرر الذي يعد المادة أو يجري المقابلة أن يتصف بمجموعة من المعارف والمهارات.

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 3
اختيار موضوع القصة
 
تأمل الموضوع من وجهة نظر مشاهد التليفزيون. ما الذي يجب أن يعرفه في مثل هذا الحدث؟ وما الذي يشعر أنه بحاجة إلى معرفته؟ ما دور الصحفي عندما يغطى حدثاً مأساوياً، يوضع في إطار أوسع، وينظر إليه من أبعاد بديلة؟ وإلى حد ما تنطبق علينا نحن، مستهلكي الأخبار أو المشاهدين، هذه التسمية.. ، أو من يحبون الاطلاع على خبايا الآخرين. وهناك اعتقاد بأننا- أي جمهور المشاهدين – لنا الحق في معرفة كل شيء، حتى أخص تفاصيل الأفكار والمشاعر والآلام الشخصية. وإذا كان مندوب الصحيفة يدس أنفه ويسعى لتقديم هذه التفصيلات.. فإن للتليفزيون نزوعاً طبيعياً أقوى للتدخل بطرق تتجاوز الحد الفاصل بين اللياقة وقلة الذوق.
وحيثما تقع الكارثة.. فإنه يتعين على المندوب أن يستشعر.. هل يريد الشخص المنكوب أن يتحدث عن أحزانه، ومتى؟ وتسيطر الصدمة أحياناً على مثل هذا الشخص، ويرغب في أن يترك وحده.. وهي رغبة لابد أن تُحترم. ومن ناحية أخرى.. سيكون هناك من يرغب في الحديث، الأمر الذي يعينهم على تحديد طبيعة أحزانهم، وليست كل المقابلات التليفزيونية التي تجري في مسرح المأساة، انتهاكاً للخصوصية أو اقتحاماً لا مبرر له. ويرحب مصدر الخبر – في كثير من الحالات- بأن يتكلم، وكأن وجود الكاميرا، واهتمام المندوب يقدمان له بعض المواساة.
هل هذه صحافة؟ ما الذي يحتاج الجمهور إلى معرفته في مثل هذا الحادث؟ هل من الملائم إظهار آلام ضحايا المأساة، وأحزانهم ودموعهم؟
وللصحافة تقليد عريق في النظر إلى المأساة كمادة إخبارية. أحداث القتل، الاغتصاب، الحريق، تحطم السيارات والطائرات.. كلها أخبار؛ لأنها تخرج عن المألوف، إنها تغذى حاجة الناس إلى المعرفة وترضى جانباً من الميل الإنساني الغريب إلى الخوف الهلع. وعندما تنطوي المأساة على فزع شخص آخر، يشعر المشاهد بالسلامة والسعادة أن المصاب شخص آخر، وليس هو. ويشارك المشاهد في الألم، ولكن عن بعد، وهو مستريح لأن المأساة ألمت بغيره. "لقد مات، ولكني لا زلت أحيا".. هذا شعور عام في الجنازات، أو "إنه من فضل الله أنى لا زلت أحيا"..
هل هذه ردود فعل تدل على قسوة القلب؟ ربما هي كذلك. ولكنها في الوقت نفسه عواطف عادية وطبيعة. إن المأساة هي مادة الحياة والفن؛ لأنها تشحذ يقظتنا إزاء الطبيعة الغامضة غير المعقولة للعالم الذي يحيط بنا.. وهي في الوقت نفسه تجبرنا على أن نكون شاكرين ممتنين لحياتنا السلسة، التي لم يقع فيها ما يكدرها.
من حق الجمهور أن يعلم بالمآسى، وهو في حاجة إلى ذلك.. إلا أنه يجب على المندوب الذي يتولى تغطيتها أن يؤدي مهمته بلياقة ورقة. والسؤال الشائع الذي يخطئ به معظم مندوبي التليفزيون هو: ما شعورك؟ فعندما يوجه هذا السؤال إلى شخص قد عانى منذ لحظات من خسارة جسيمة.. فلا شك أنه يتجاوز حدود اللياقة وبالتالي يجب عدم طرح هكذا أسئلة.
وتشمل الأسئلة المقبولة هذا النوع الذي يؤدي إلى إعادة بناء الحدث؛ مما يساعد المشاهد على الفهم. مثل: متى شممت رائحة الدخان؟ ماذا دار في ذهنك؟ ماذا فعلت؟ ماذا رأيت؟ ماذا فعلت عندئذ وتستهدف هذه الأسئلة استخراج حقائق الموقف دون لعب بالعواطف أو إيذائها، لا مبرر له.. وثمة تناول آخر أكثر رفقاً وغير مباشر على نحو أبعد.. هل تريد أن تحكي لي ما حدث؟ ثم اتركه يقول كل ما يفكر فيه ويشعر به. وإذا كانت الإجابة على هذا السؤال.. لا أريد أن أتحدث عما جرى. هنا ينبغي أن تبتعد الكاميرا، وأن يتركه المندوب في سلام. وتذكر أنه يجب عليك ألا تنظر إلى الشخص الذي أمامك على أنه مجرد شيء، أو مادة مجردة من الآدمية، في سبيل الخبر الذي تعده. وبينما يتعين عليك كمندوب أن تنأى بنفسك عن كل ما ترى وتنقل.. يجب ألا تجرد نفسك من التعاطف والشفقة الإنسانية. إن العالم فيه من القسوة ما يكفي، ولا يتسع لقسوة أخرى من المندوبين. وهناك خطر ماثل في أن تنسى مراعاة شعور الآخرين، وتحرص عليهم إنسانياً ووجدانياً في تعطشك إلى خبر مثير. تذكر أنك مندوب الجمهور في ساحة الكارثة، وهناك أنماط معينة من السلوك وسوء السلوك، لن يغفرها لك، حتى لو كانت باسم الحصول على الخبر

الصفحات