كتاب "حكاية توت ومسرحيات أخرى"، للكاتبة الأردنية ميسون حنا، الصادر عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائه:
أنت هنا
قراءة كتاب حكاية توت و مسرحيات أخرى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حكاية توت و مسرحيات أخرى
الصفحة رقم: 1
(على الضريح . السيد يناجي قبر والده )
السيد : ما لي أرى عيني وقد تحجر الدمع فيهما .... آه أيتها العينان .... جودا بالدمع الغزير على من سقاني الحُب فأنبت
الرحمة ، ورعاني بالحب فأورق هذا الغصن وعندما اشتد عوده نبذ .... حيث ارتحلت عني يا أبتي تاركا إياي في هذا العراء (يحتضن
الضريح ) أحتضن ضريحك فلا تلمس يداي إلاَ هذا الحجر .... أستصرخك النهوض فلا أقابل الا بالصمت (لحظة ) أنت يا من
رعيتني صغيرا لأتخلى عنك كبيرا مودعا إياك هذا المكان المظلم .... البارد .... الجاف (لحظة) لعنت أيها الموت ، يا من تجعلنا
قسرا ننبذ أحبتنا بعد أن نسجيهم بأيدينا هناك (مشيرا إلى الأرض ) تحت أقدامنا في ظلام سرمدي ، لا يعرف النور طريقه اليه ولا
الهواء، ونصعد ونمارس حياتنا بعيدا عنهم وكأن شيئا لم يكن ... هل حقا سأمارس حياتي متناسيا كل شيء ؟ (لحظة) ابك يا قلب ...
واسكبي الدمع أيتها المآقي
(حائرا ) هل يتقن الحزن من تحجرت مقلتاه ... آه ... لكن الألم يعتصر فؤادي ، وحسبي أني أحسه عميقا ، هادئا ،
ينساب في داخلي جارحا، فتاكا يلهب الروح ، لتقفز كالغصة في حنجرتي لا تفارقها إلى الخارج ، ولا تعبر إلى مستقرها فأستريح ....
(لحظة ) آه ... الموت يشذبني فأقف أمامه صادقا كما لم أكن، ورهبته تجعلني أشعر بالنقاء الشفيف
(يرفع يده بخشوع ) أعاهدك على الصدق والوفاء والإخلاص والحب ، لتهدأ روحك ، ولتنم قرير العين ، ولتكن أحلامك
كأزهار الربيع (يتلفت حوله مضطربا ، يعبر التابع وبيده باقة زهور )
التابع : أوشك الغسق أن يلوح في الأفق ، وأنت ما زلت هنا !
(يلمح الزهور بيد التابع ، يتناولها منه )
السيد : لننثر الزهور فتتشكل قطرات الندى عليها في السحر ، لتتقن ما عجزت عنه في وضح النهار.
(ينثر الزهور على الضريح ، التابع يسحبه محاولا إقصاءه عن المكان ، فينأى عنه )
السيد : دعني .... دعني أتنفس الموت .
التابع : تتنفس ماذا ؟
السيد : للموت عبق يتسلل إلى الروح ، يكذب من يدعي أن للموت رائحة نتنة ، تلك رائحة الجسد ، أما الموت لا ....
التابع : الموت كريه .
السيد : أما وقد تسللت رائحته إلى قلبي ، بدأت أشعر بنفسي خفيفا ، وخفتي ترفعني إلى السماء ، محلقا بين السحب ، مصطحبا