أنت هنا

قراءة كتاب روايات باكثير قراءة في الرؤية والتشكيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
روايات باكثير فراءة في الرؤية والتشكيل

روايات باكثير قراءة في الرؤية والتشكيل

إن تجربة علي أحمد باكثير الروائية تعد من أقدم التجارب الروائية العربية الحديثة - التي وظفت التاريخ – وأنضجها؛ على الرغم من أنها كتبت في مرحلة متقدمة، فهي تحتوي على كثير من المنجزات الفنية التي تجعل منها رائدة الإبداع الروائي الذي يعتمد التاريخ مصدرا له، وذل

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 4
أما قبل
 
مدخل إلى الرواية التاريخية:
 
تعمد العلوم الإنسانية المختلفة إلى دراسة العلاقة الجدلية بين الإنسان والتاريخ واستيعاب أبعادها، من مثل ما تقدمه علوم التاريخ والأنثروبولوجية والاجتماع وغيرها من نظريات ومعارف ورؤى مختلفة، وذلك في محاولة لتفسير العلاقة المركبة بين الإنسان من جهة، والمنظومة التاريخية والثقافية من جهة أخرى.
 
والرواية ذلك الجنس الأدبي النثري السردي التخيلي، تحاول التقاط ما هو جوهري وجدلي في علاقة الإنسان بالتاريخ، لتسهم بشكل فاعل وحاضر في تقديم تصورها لهذه العلاقة وفق منظورها الفني الخاص، وضمن حقول الفن والآداب المختلفة، جنبا إلى جنب مع العلوم الإنسانية الأخرى.
 
وإذا كانت الرواية بشكل عام " تاريخ متخيل داخل التاريخ الموضوعي" (1) - كما يرى أحد النقاد، فإن لنا أن نلتمس الخيط الذي يشد الرواية إلى التاريخ عبر اشتراكهما بالعناصر الرئيسة: الإنسان والزمان والمكان، وأكثر من ذلك اشتراكهما بالقصة أو الطابع القصصي.
 
والرواية الأدبية إذ تفرز الرواية الاجتماعية والرواية الواقعية بأنواعها، والرواية الجديدة، والرواية التاريخية وغيرها، فإن لهذه الأخيرة علاقة خاصة بالتاريخ، مستمدة من طبيعة موضوعها وأسلوبها. فالرواية التاريخية تشترك مع الرواية الأدبية – بصورة عامة– في وجود بنية تاريخية تتأسس عليها، بمعنى وجود فضاء وأحداث وشخوص كما في الواقع، إلا أن الرواية التاريخية تنطلق من أحداث وذوات حقيقية مختلفة في الغالب، وتشكل جزءا من تاريخنا وماضينا الممتد حتى اللحظة الراهنة. فالرواية ابتداء تقوم على بنية زمنية تاريخية، تتشخص في فضاء تاريخي، يمتد من الماضي وحتى اللحظة الراهنة أو القادمة، تضيئه أحداث تحييها شخصيات إنسانية فنية، حية وكاملة.
 
والرواية تعمل على استكناه وحدة الجوهر الإنساني الثابتة عبر امتداد التاريخ، في سبيل التقاط كل ما هو إنساني وأصيل وصادق، وهي إذ ذاك تستدخل نظرة علوم الاجتماع والتاريخ والفلسفة وعلم النفس لتدرس من خلالها أعماق النفس البشرية وكينونتها التاريخية والاجتماعية.
 
ومن الصعب في تمهيد كهذا الإحاطة بمختلف القضايا و الإشكاليات التي يطرحها " تصور الرواية التاريخية " في أدبنا العربي الحديث والمعاصر. بل إن الإحاطة بمختلف الأسئلة المتصلة بالرواية العربية عموما، تتنوع وتعدد بحسب المقتضيات النظرية والتعبيرية التي تخص سؤال الكتابة وإنجازاته التخيلية، وهذا ما يجعل أسئلة الرواية متجددة باستمرار ليبقى النثر الروائي إسهاما معرفيا وثقافيا مخصبا للرغائب والأحلام والذوات. غير أني سأحاول في هذا التمهيد تناول بعض المباحث التي تسهم في تقديم لمحات نظرية عن الرواية التاريخية، من حيث التعريف، وعلاقتها بالتاريخ، وحدودها الفنية والحقيقية.
 
تعريف الرواية التاريخية :
 
يعرف جورج لوكاتش الرواية التاريخية بأنها " رواية تاريخية حقيقية، أي رواية تثير الحاضر، ويعيشها المعاصرون بوصفها تاريخهم السابق للذات" (1). فهي بالتالي " عمل فني يتخذ من التاريخ مادة له، ولكنها لا تنقل التاريخ بحرفيته ؛ بقدر ما تصور رؤية الفنان له وتوظيفه لهذه الرؤية للتعبير عن تجربة من تجاربه، أو موقف من مجتمعه يتخذ من التاريخ ذريعة له " (1)

الصفحات