أنت هنا

قراءة كتاب قصص وحكايات أطفال عالمية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قصص وحكايات أطفال عالمية

قصص وحكايات أطفال عالمية

أن قلة ترجمة الحكايات والأقاصيص الشعبية من الأدب العالمي في مكتبتنا العربية، دفعتنا إلى اختيار وترجمة عدد منها، لكي تتيح للقارئ العربي مقارنة أقاصيصنا وحكاياتنا الشعبية بالأقاصيص والحكايات الشعبية في الأدب الأجنبي. وليعرف النمط والأسلوب التي يكتب بها.

تقييمك:
2.666665
Average: 2.7 (3 votes)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2
الجرة
 
د. ترجمة توفيق عزيز
(1)للكاتب برنارد دادي Bernard DADI
آه لقد كسرت جرتي هذا ما كنت انتظره ولكنك لم تتأخر في فعل ذلك، حسناً أنت تعرف ما عليك فعله.... أحتاج الى جرة مشابهة للجرة التي كسرت تواً. اذهب حيث تشاء وابحث لي عن جرة ويجب أن لا تطأ قدماك بيتي دون جلب جرة لي. كان كوفي ينظر إلى زوجة أبيه وحطام الجرة المكسورة بين قدميه.
رغبتي كبيرة بأن انهال عليك ضرباً ان لم تكف النظر الي بهذا الشكل؟ ماذا تنتظر؟ انطلق حيثما تريد... لكني اريد جرتي... اتسمح وتفهم هذا؟
وانطلق كوفي سعيداً برحيله فقد ترك هذا البيت الذي لم يحصل فيه على دقيقة واحدة من الراحة أو دقيقة واحدة من السعادة لاسيما بعد وفاة أمه. كلما كان يبتعد عن البيت الذي كان له مجرد إهانات وعقاب يحس السعادة وحلاوة الحياة واخذ يلتقي بأناس يحاورهم، وحيوانات يداعبها، فلم يعد هنالك أي تهديد أو إهانة بل على العكس يشعر بمحبة الناس له وحنان وفهم الحياة. وحينما كان يقص عليهم مغامرته كان يجد في نظراتهم وأصواتهم شيئاً من الشفقة والعطف وكان الجميع يقول له كيف استطعت العيش في ذلك البيت في جحيم كهذا مع شيطان متسلط طوال الوقت؟ غير أن كوفي كان يحس شيئاً غريباً يتعاظم في نفسه فكلما ابتعد عن البيت بدت له الحياة أكثر بهاء. آه كم كان افقه ضيقاً ومحدوداً، أما الآن فأمامه الفضاء والناس وينظر إلى العالم بعينين جافتين وصافيتين وليس من خلال الدموع التي كانت تشوه كل شيء ولا يجد إلا البرد والحرمان والتعاسة والخوف المستمر. وكلما كان يمضي في سفره ويبتعد أكثر كانت ثـقته بالناس تتعاظم، كان يستنشق الهواء العليل بحرية وكان ينشد بصوت شجي يرقص أوراق أغصانها. وكانت الأشجار تبدو سكرى من عذوبة اللحن وتتشابك وسط الريح أوراقها المزخرفة بالفراشات الزاهية الألوان التي تغازل النحل أثناء استرخائها.
استمر كوفي في رحلته فهو الذي حرم من عطف أمه وحنانها ولم يحظ منها بأي اثر أو ذكرى أغلقت عينيها مودعة الحياة عندما فتح كوفي عينيه وقيل له ها هو الكون الرحب، لم يكن في هذا الكون الواسع ما يكفي من ضوء لإضاءة عيني كوفي لكي يتحتم على ألا ان تنقل نور عينيها وتضعهما في عيون ابنها ليعيش، لقد انطفأ نور الأم وتلاشى عندما عانق ابنها الحياة. وذات مساء وصل كوفي إلى ضفة نهر عريض جداً حيث كانت ضفته الأخرى قد امتزجت مع الأفق وكان يعيش في هذا النهر تمساح ضخم جداً بضخامة الجبل وكان النهر الذي تحلق فوقه طيور النورس يبدو كبساط ذي لون سطرته يد خفية. كانت الأمواج تتلاشى وتتكسر الواحدة تلو الأخرى على ضفته وتبدو كأنها بساط متدل وكانت ديوك المعبد في الأدغال تعلن ساعة الراحة وحلول الظلام معاً.
كان التمساح ينظر إلى كوفي بعينين يتطاير منهما اللهيب ومن حوله صغار الضفادع يطارد بعضها بعضاً. وكان القصب المتنامي مع موجات النهر الهادئة يحدث اصواتاً لا يعرف احد معناها والأعشاب المتعلقة برؤوس القصب تعوم على غير هدى كمسافر حل في المساء في قرية يبحث عن ملجأ.
وطائر القاوند المتربص يرفرف بجناحيه وكانت أسراب السمك ومجاميع المحار ذات الأجسام الشائكة تسبح وتتمايل كأنها محملة بهموم الدنيا وكان هناك في احد الأوراق ما هو ينساب مع تيار الماء. وكان المحار الذي يقع على الرمل يترك أثارا وأخاديد قال له التمساح فاتحاً فكيه المملؤين بالأسنان المعوجة الحادة جداً كأسنان سود لكثرة بائعي الجبن ومثلمة نتيجة أكل الكثير من الاشياء الجيدة.

الصفحات