لقد مَنَّ الله عز وجل على العراق برجال هم شموس أضاءت سماء العراق ولم يخصوا العراق بما وفقهم الله إليه.
قراءة كتاب علماء أعلام عرفتهم / العراق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
علماء أعلام عرفتهم / العراق
الصفحة رقم: 8
ولقد أكبرنا في الشيخ الزهاوي هذه الهمّة والحيوية والنشاط والعمل الدؤوب – رغم كبر السن – دونما كلل أو ملل، فلا يسأل عن الطعام أو الشراب، أو ينشد الراحة أو المنام، مما جعلنا نحقِّر أنفسنا أمام هذه النفس الكبيرة، التي تُجهد جسمها في سبيل الله تعالى في حمل كثير من الأعباء التي ينوء بها كاهل الشباب، ونعجز أن نجاريه في بعض ما يقوم به، وصدق القائل:
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
لقد كان الإمام أمجد الزهاوي علاّمة العراق وفقيه الحنفية في عصره، وإليه يرجع العلماء من أنحاء العالم الإسلامي للاستنارة برأيه، والتفقه من علمه، والاستزادة من فتاويه، كما كان يرجع إليه ذوو الحاجات وأصحاب الظلامات المستضعفون من الناس، ليقضي حاجاتهم، ويشفع لهم في معضلاتهم، وفك أسراهم، ورفع الظلم عنهم لدى المسؤولين وأصحاب النفوذ والقرار، الذين كانوا يستجيبون لشفاعته لما له من مهابة في نفوسهم ولعظيم احترامهم له وتقديرهم إياه.
أعوام مشحونة بالغضب:
وفي فترة الدراسة الثانوية ببغداد كانت لنا برامج تربوية، ومناهج ثقافية، ونشاط دعوي ولقاءت أُسرية، وكتائب روحية، ومعسكرات رياضية، يتولى التوجيه فيها ثلة من العلماء والأساتذة والمربين وفي المقدمة الشيخ الزهاوي والأستاذ الصواف، ولقد كان عام 1947م وعام 1948م من الأعوام المشحونة بالغضب والثورة على الإنجليز واليهود، حيث كان في هذين العامين قرار بتقسيم فلسطين وعقد معاهدة (بورت سموث) الاستعمارية المسماة "جبر – بيفن" فعمّت المظاهرات الطلابية والشعبية أنحاء العراق، وبخاصة العاصمة بغداد، حيث مقر الحكومة الموالية للإنجليز، والتي أقرّت التقسيم، وعقدت المعاهدة مع الإنجليز، وهي حكومة صالح جبر، وتصدّر هذه المظاهرات وقادها، طلاب الثانوية الشرعية والكلية الشرعية بالأعظمية وفي مقدمتهم: إبراهيم منير المدرس، ونعمان السامرائي، ويوسف العظم وعبد الحافظ سليمان وعبد الله العقيل وغيرهم، حيث ألهبوا حماسة الجماهير واصطدموا بأزلام السلطة، وأعوان الطواغيت وخدم الاستعمار، فاعْتُقل من اعتقل، واسْتُشهد من استشهد، وجُرح من جرح، وفُصل من الدراسة أو العمل من فصل ولم يفت ذلك في عضدهم، ولم يوهن عزيمتهم، بل انتشر السخط في جميع البلاد وخرجت الأمة عن بكرة أبيها تطالب بإسقاط الحكومة العميلة وتم ذلك حيث استقالت الحكومة، وبطلت المعاهدة وأُلغيت بإرادة شعبية.