أنت هنا

قراءة كتاب الجسد البغيض للمرأة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجسد البغيض للمرأة

الجسد البغيض للمرأة

لو تحدثنا عن جسد المرأة من موقع المغايرة، أي بوصفه جسداً له عالمه الخاص، لتبدَّى لنا أن جُل ما كُتِب باسمه أو حوله في التاريخ، وما يتردد حوله لا يمثّله، ليس في اعتباره العصيَّ على النظر والظفر بمعلومة" مجرد معلومة" تفيد في مقاربته ومكاشفته، وإنما لأن الأدبي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
لنا أن نمضي قُدماً في هذا المسار المتشعب والمنفتح على معابر ومنافذ تؤدي إلى سواها، جرَّاء هذا التاريخ العاصف، تاريخ كيفية إدارة جسد المرأة والحد من جلاء قواه وسماع هديره..
 
إنه التاريخ الذي نقرأه دون أن نسبره كما يجب، حيث إن ميثولوجيا الأنثى الكونية (الأم الكبرى) لمّا تزل تطرق أبوابنا من الخلف والأمام، كما أنها مدوية في صداها، لعلنا نحسن تدبُّر هذا الذي يناوشنا أو يخرجنا إلى ساحة المواجهة، أعني بذلك ما يصل المرأة الكبرى بالطبيعة، حيث إنها باتت معروفة للكثيرين حتى بالنسبة للناس العاديين أيضاً، وأنصاف العاديين.
 
أمَّا ما لم يُفصَح عنه، لا في إطار الرؤية الأوضح لكامل مشهد الجسد الخاص بالمرأة، وهو في حيّز الرمز والتمثيل، وما يطرَح للنقاش بالقدر الذي يذهب بنا إلى ما وراء الفراغ المعتم في بنية المشهد نفسه، ولا حتى في سياق مكونات هذا الجسد وما ينبغي أن يكون له كاسم، كعلامة مسجَّلة انطلاقاً من تاريخه الفعلي الذي يعرّف به، إلى جانب جسد الرجل، وأدوار كل منهما طبعاً، فهو أن ثمة رابطة معزَّزة للأم الكبرى، تتمثل الطبيعة، الأرض، وهي في تداخلها مع الحياة وهذه أرضية، بمعنى أن ثمة تقابلاً بين الطبيعة في تحولاتها وجسد المرأة في تحولاته.
 
ثمة ما هو خفي عن الأنظار بالنسبة للطبيعة، وكأن لدينا قانوناً يسيّرها ويترجم تبدلاتها الفصلية، أو المناخية، دون أن يخفى عن الناظر الحصيف، أن هذا القيّم ذكر متنفذ، وأن الأم الكبرى تلك التي تسمي المنتمي إليها زوجاً وابناً معاً، إنما دون أن تخفي من وراء اللعبة هذه: الإله الذكر.
 
المفارقة قائمة في بنية اللعبة، لحظة التفريق بين جسد متحول، أرضي، وآخر بالكاد يُسمى، ولكن يعهَد إليه في الحال بإدارة شئون الجسد، مثلما يكون راعياً للأرضي وما يتجاوزه كذلك.
 
في النسق الثقافي الذي يلوّن الجسد الأنثوي، تتحرك القدرات وتقيَّم بقوى خارجة، حتى على صعيد المشاعر والأحاسيس، مثلما أن ذلك يترافق بالتناسب مع ما هو موحى إليه ومأمور به.
 
في سياق الربط بين الأم الكبرى والطبيعة، ونوعية الإخصاب وآفة العقم والجدب، والموقف من جسد المرأة من منظور اقتصادي، أي قانونية الجاري، كان ذلك التعالق بين الحياة والمرأة، حيث تلعب الفتنة دورها الكبير في استدراج الرجل، بصفته الضحية أو العاجز عن الصد.

الصفحات