أنت هنا

قراءة كتاب الجسد البغيض للمرأة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجسد البغيض للمرأة

الجسد البغيض للمرأة

لو تحدثنا عن جسد المرأة من موقع المغايرة، أي بوصفه جسداً له عالمه الخاص، لتبدَّى لنا أن جُل ما كُتِب باسمه أو حوله في التاريخ، وما يتردد حوله لا يمثّله، ليس في اعتباره العصيَّ على النظر والظفر بمعلومة" مجرد معلومة" تفيد في مقاربته ومكاشفته، وإنما لأن الأدبي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
نجد ذلك في أوج تجلياته الفلسفية والكشفية في شذرات نيتشه، مثلما أن دولوز حاول استعادة هذه اللحظة النيتشوية، ليعمّم مقولات من نوع الخصوبة الأنثوية، إنما بجعلنا متعددي أنواع أو أجناس، أننا نضم إلينا جغرافيات كاملة، وثمة ما يظهر داخلنا ولكنه يؤثر فينا، كما لو أن فاعلية مبدأ الأنثوي عارمة وباذخة هنا، وليكون النص نفسه فاعل إغواء لدى دريدا في تفجير اللغة، بالطريقة التي تشير إلى أن من المستحيل رؤية كل شيء، نظراً لفعل خصوبة الجسد، وحيث تكون المرأة حاضرة بجسدها، يكون لدينا خواف كامل، جرّاء هذا الثراء المدهش والمخيف!
 
إن البحث في العراقة كمفهوم تاريخي وثقافي، يحتّم علينا، ومن باب الإخلاص للحقيقة، أن نُولي هذا الجسد المغيّب في تاريخ يعادي كينونته ما يستحق من ولاية في التسمية والاستقطاب القاعدي: المعرفي: النقدي والفلسفي في العمق، وما يقابله جمالياً، بمعنى تجلّيه الأكثر عراقة، كما في عبارة (الأم الكبرى)، وما يندرج في حاضرة الجسد الكونية، في المزايا الإخصابية، أو أهلية التكاثر والانتثار، أو ما يعزّز من مكانته بوصفه القادر على تأكيد حضوره وتناميه، حيث إن الخبير في علوم الطبيعة أو الطبائع، وموازين القوى، يستطيع أن يصنّف قوائم تتقاسمها قوى وجماليات رؤية، وتجليات شعورية مستجدة، ويكون جسد المرأة في الواجهة مباشرة(1).
 
يرتقي بنا جسد المرأة إلى أعلى عليين، لمقاربة كل القوى المفارقة لما هو أنثوي، كون الأخير أحيل على ما هو أرضي، ولكن ثمة قلباً للموضوع، ومناورة على الفكرة، لأن مبدأ الجسد هذا ينص على استحالة تكوين أو ولادة أي شيء دون حضور ما لما هو أنثوي، وأن تحرير السماء، إن جاز التعبير من ظل المرأة أو المرأة تحديداً، وجعلها مقراً للإله الذكر أو لأكثر من إله ذكر، ليس أكثر من الاعتراف ضمنياً بوجود جُرم معين ودسيسة كونية، عُتّم عليها أرضياً، ودون هذا الإجراء يستحيل وضع الجسد، أي جسد في نطاقه العملي الصحيح، دون منح الجسد مثل هذا الاعتبار، يستحيل تبين حقيقة التاريخ الذي روي أو دوّن وحفّظ عليه بقوى الذكر حصراً.
 
نعم، أن تكون الخصوبة بتدبير أنثوي، أعني أن يتم التداخل بين الأرض والمرأة، فلأن في ذلك ضرورة الالتزام بمسار الحقيقة، حيث الأرض تسمي حقيقتها هذه، كما أن المرأة رغم كل القصف التاريخي المركّز لبنيانها الجسدي، وتشويه معالمها، إن جاز الوصف، هي بدورها تسمي الأرض باعتبارها "القرين"، أو حيث كل منهما تستدعي الأخرى، وتفهَم من خلالها(2).

الصفحات