"سيف الياسمين" عنوان فيه من التّضاد بمثل ما فيه من معاني تضمينيةٍ تحملك على تصوّر ما يريده الكاتب.. فتسأل: كيف يمكن للياسمين بما فيه من نعومةٍ وليونةٍ وانسياب عطر، ان يستلَّ سيفاً، بما في السيف من مضاءِ حدٍّ ولمعِ نصل؟ ثم تعود لتتذكر قول الشاعر:
أنت هنا
قراءة كتاب سيف الياسمين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
سيف الياسمين
الصفحة رقم: 1
مقدمة
أحمد فواز في تجربته الأولى...
كثيراً ما يُلفِتُكَ عنوان، فتسعى عيناكَ بشغفٍ إليه، ومن ثم تعود لتبحث في تركيبته وصياغته علّك تصلُ الى مضامينه وخفاياه، وكأنك تحاول الوصول الى النقطة التي تستطيع من خلالها، تلمّس دلالاته ومن ثم قراءة ما في نفس كاتبه وقلبه وعقله...
"سيف الياسمين" عنوان فيه من التّضاد بمثل ما فيه من معاني تضمينيةٍ تحملك على تصوّر ما يريده الكاتب.. فتسأل: كيف يمكن للياسمين بما فيه من نعومةٍ وليونةٍ وانسياب عطر، ان يستلَّ سيفاً، بما في السيف من مضاءِ حدٍّ ولمعِ نصل؟ ثم تعود لتتذكر قول الشاعر:
عيونكِ من مضاءِ السيف أندى وثغرُكِ إن تلظّى الجرحُ بلسمُ
وعندها تتلمّس شيئاً مما يقصده أحمد فواز في مجموعته النثرية، هذه، وتفهم ما وراء القصد.
أحمد فواز لم يمتهن الكتابة أو النظم، ولم يحاول أن يأخذ ويقلّد ويدّعي، إنما هو ناشرٌ مجتهد وقارئ.
مكتسب، وذوّاقة يحسن الاستماع... ولا غرابة مع هذه المزايا، أن يطلق – من حين لآخر- تغريدةً هنا، وتغريدةً هناك يبثُ مشاعره وأحاسيسه، فتمـشي كلماته طوعاً حاملةً ذلك المزيج العفويّ من العاميّ والفصيح، مما تنطق به ألْسنة الكثرة من الناس، حين تعبّر عن ذاتها بالكلمة المكتوبة التي هي رسمٌ للكلمة الملفوظة، وتعبيرٌ واضح عن حالةٍ، أو عادةٍ، أو مشهدٍ، أو مكتسب نطق به العامة وتداولوه وما زلنا نعيش ما عاشوه...
ولكن، ما ميّز أحمد فواز، في همساته، أنه يعيش هاجس الحب والحبيبة واللقاء، كما يعيش هاجس الوطن..،
وبقدر ما يؤلمه الفراق، ويلحُّ في طلب الوصال، بقدر ما تجرحه حالة الموت السريري التي يعاني منها وطنه، وحالة انعدام الوزن التي غرق فيها زعماؤه وسياسيوه، والمتاجرون المنافقون،... فتراه صاخباً، لاعناً، ناقماً، متوجساً، يصبُّ جام غضبه على الذين باعوا ضمائرهم وانسانيتهم ليشتروا الفضة والذهب والمقاعد الوثيرة..
هو انسانٌ، كما يكتب عن سيجارته وفنجان قهوته، وحبيبته المشتهاة، يكتب أيضاً عن معاناته في وطنٍ يدّعي الديمقراطية والتسامح والانفتاح، وهو غارق حتى أذنيه بدكتاتورية الزعماء المذاهبين والطوائفيين، والنفور والتباعد والتقوقع الى حدّ الانغلاق، حيث تُعمى البصائر والقلوبُ والعقول...
وفي لفتة مختلفة، نقرأ في ما كتب أحمد فواز نزعةً صوفيةً تأمليّة، ينطق بها بلسان يمامة بيضاء اختارت غصناً تحطّ عليه وتحتمي به، فإذا به يعاني آناً من الصقيع، وآناً من لهب الصيف ويُعييه الكِبَر عن الحركة، فإذا بها دفئه في البرد، ومروحته في الحرّ وحارسه الأمين عند الخطر، وكذلك نلمحه في الحوار بين الأرض والسماء .