رواية "إنَّ وأخواتها... وحروف النصب" للكاتبة اللبنانية صونيا عامر، نقرأ من مقدمة الكاتبة:
يأتي عريس الغفلة، ليسأل الوالد ابنته وفاء، هل توافقين عـلى محمد زوجاً لك؟
أنت هنا
قراءة كتاب إن وأخواتها - وحروف النصب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

إن وأخواتها - وحروف النصب
الصفحة رقم: 4
تكمل زينب دراستها بهدوء بعد أن وعدت والديها بأن لا شيء سوى الدراسة في أولى اهتماماتها وهي لن تـتزوج من داود ولا من غـير داود إن لم يكونا راضيين مقتنعين تماماً بما ستفعله. وبعد سنوات ثمان تعود زينب إلى لبنان دكتورة نسائية برتبة امتياز مع مرتبة الـشرف بشهادة من أرقى جامعات العالم، وتستلم وظيفة مرموقة في وزارة الصحة بتوصية من صديق لوالدها عـلى مركز كـبير في الدولة. ولكن زينب تحب داود وترغب بأن تتزوجه، فتعود لفتح الموضوع ثانية محاولة إقناع والديها بأن لداود رغبة باعتناق الإسلام وبالزواج بها وهي البنت المحجبة الـتي اختارت الشيعة ملة لها ولن تحيد عنها مهما كلف الأمر.
ترى مـنى بتصـرفات ابنتها بعض الظلم لها هي الأم الـتي أمضت حياتها تحت أقدام زينب والـتي بدورها لم تقدر هذه التضحية الكـبيرة وانحازت وبكل بساطة لجانب والدها حسن، علماً بأن ذلك لم يكن غـير متوقع، هي منذ البداية تعلم بأن زينب بنت حسن ولها ما شاءت من دين. ما آلمها حد البكاء قرار الزواج بداود، فـهي بذلك لن تبقى في بـيروت، ستهاجر إلى أميركا، لأن داود لن يعود للعراق في ظل الظروف الحالية السيئة، كما وأنه لن يستقر في بـيروت ببلد لا يتسع لأبنائه ليؤمن فرصة عمل لشخص عراقي شقيق يدعي حسين بعد أن أشهر إسلامه حباً لزينب ورغبة بالزواج منها.
ترتـئي كلوديا زيارة زينب لإجراء حوار صحفي معها، مساندة منها لزينب ودعاية لعيادتها الـتي أهداها إياها حسن الوالد المبارك بتخرجها عـلى هذا النحو الممتاز. كلوديا صديقة مـنى الـتي تحولت إلى فعل الكتابة الحرة بعد أن عملت بالصحافة إلى أن وصلت حد الإشباع. امتهنت الكتابة الأدبية تعـبيراً عما يقلقها دون التعرض لأحد، أو فلنقل في الكتابة موقف شخـصي لا يحتسب لفريق ضد الآخر، فهو غـير مدفوع الثمن. كلوديا سيدة في الخمسين الآن، لم تعد تلك الآنسة القوية الـتي اعتادت قضاء الليالي عـلى صوت المدافع مغطية أحداثاً ليست هي نفسها مقتنعة بأسبابها. هي اليوم صحافية مخـضرمة تعد مواضيع معينة تعنيها وتعـني المجتمع، متحـيزة قليلاً للنساء ولكن لا ضير ما دامت تراعي حقوق الرجل، كما وهي كذلك احترفت بعض الشعر وتعز حسن وتقدره، كأخ. فقالت لها:
- حدثيني يا زينب، ما هو انطباعك وأنت وحسين في ربوع الوطن زوجين عـلى سنة الله ورسوله؟ أرغب بلقاء صحفي ممـيز، يلفت الانتباه لأهمية التقبل في حياتنا، تقبل الآخر، وتفهم دوافعه.
- شعوري مبهم، لا أعرف كيف أفسره، هو داود، فأنا أعرف ذاك الرجل، هو داود من أحببت، ولطالما كان عـلى خلق، فليناده من ناداه باسم غـير اسمه، إنما هو داود.
- اشرحي لي يا دكتورة!
- أنا يا مدام كلوديا تربيت وكـبرت في بيت أمي، مـنى بيار، درست في الراهبات وتخرجت من أميركا، نعم أنا مؤمنة بملـتي، ولكن ما لا أريده تغـيير حياة الآخرين. فلداود كما لي طقوس دينية يحبها، وهو أبلغـني أنه لن يتخلى عنها، وأنا لا أرى مـبرراً يساعدني في ردعه عما ينوي فعله.
- بما يفكر داود يا زينب؟
- لداود عائلة ولهم عليه حق الزيارة، وأنا زوجته وله علي حق إطاعته. سنزور العراق، فهو يرغب بزيارة بلدته، وهو الآن قريب، لبنان ليس ببعيد عن العراق، ونحن لن نطيل بقاءنا في الشرق، سنعود لأمريكا.
- وبسؤال جانبي محايد، خارج الكواليس، هل ترغبين بقتل والدتك، سفر مرة ثانية؟
- لا عجب من أن نؤذي من نحب بكلام لا نقصده لحظة شعورنا بقلق وتوتر شديدين، هي انفعلت صحيح حين أخبرتها، وأنا أيضاً لم أقصر حاسبتها عـلى زواجها لا بل عـلى حبها لأبي، كان من الممكن أن أتجنب ما أنا فيه لو هي أبقت عـلى حبيب من دينها وتزوجت منه دون نتائج مدمرة مثلي.
- ولكن يا زينب أنت شخص ناجح، لم هذه النظرة الدونية لذاتك دوماً، دونما أدنى سبب؟