كانت الترجمة وستظل إحدى العوامل الأساسية في نشر المناهج وفي زيادة الاحتكاك بينها، فالباحث ومهما كان عليما باللغات الأجنبية لا يمكنه الاستغناء عن الترجمة ولو من باب ربح الوقت أو الإطلاع على المصطلحات العلمية المتداولة في علم من العلوم.
أنت هنا
قراءة كتاب التحليل السيميائي للنصوص
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
التحليل السيميائي للنصوص
الصفحة رقم: 1
مقدمة المترجمة
كانت الترجمة وستظل إحدى العوامل الأساسية في نشر المناهج وفي زيادة الاحتكاك بينها، فالباحث ومهما كان عليما باللغات الأجنبية لا يمكنه الاستغناء عن الترجمة ولو من باب ربح الوقت أو الإطلاع على المصطلحات العلمية المتداولة في علم من العلوم.
تصاحب كل عملية ترجمة ظهور العشرات من المصطلحات الجديدة غير المعروفة ولا المألوفة في المعجم العربي، تخضع مجملها إلى ذاتية المترجم وتوجُّهاته. ومع غياب الإجماع الضروري لضبط هذه المصطلحات أو بالأحرى مع غياب هيئة رسمية تتمتع بالسلطة الكافية والكفاءة اللَّتان تؤهلانها لانتقاء المصطلحات الملائمة ونشرها في العالم العربي أو على الأقل على مستوى كل ل. تتحول هذه المجهودات الفرعية التي كان ينبغي أن تثري القاموس العربي إلى فوضى تزيد من تعقيد عملية البحث العلمي. إضافة إلى غياب الإجماع حول المصطلحات الجديدة تواجه قضية ترجمة المصطلحات العلمية الأجنبية إلى العربية إشكالا آخر يمثل في عدم التزام أو بالأحرى عدم بحث المترجمين عن الجهود المشتركة المثمرة التي تمت في السابق وكذا عدم توفر الدوريات والكتب المتخصصة التي تعمل على تعميم استعمال المصطلحات.
وهذا كله يؤدي إلى ظهور مجموعة من المصطلحات تعيّـن مصطلحا أجنبيا واحدا أو إلى توظيف مصطلح عربي واحد لترجمة العديد من المصطلحات الأجنبية. كما أن قلَّة القواميس المتخصصة والاعتماد على المعاجم العامة يبعد المصطلح عن الدقة المطلوبة في كل أوجه البحث العلمي.
كل هذه الإشكالات المتعلقة بترجمة المصطلحات العلمية صادفناها ونحن نترجم الصفحات الأولى من كتاب التحليل السيميائي للنُّصوص " Analyse sémiotique des textes" لـ فريق انتروفرن. ومن بين المصطلحات العديدة التي وجدنا الكثير من الصعوبة في إيجاد المقابل العربي لها مصطلح "signification" فالمقابل العربي المتداول بالنسبة لهذا المصطلح هو "الدلالة"، لكن هذا الأخير استعمل أيضا للإشارة لمصطلح "sémantique" كما استعمل بعض الكتاب مصطلح "معنى" غير أن هذا المصطلح يستعمل كذلك للدلالة على مصطلح "sens".
وبعد البحث والتشاور مع الأستاذ المشرف رأينا أنه من الأنسب ترجمة مصطلح "signification" بـ"مدلولية" وهذا انطلاقا من ترجمة المصطلح "signifiant" بـ "المدلول" كما شكلت ترجمة المصطلح "modalisation" بعض الصعوبة بالنسبة لنا نظرا لصعوبة الاشتقاق لكننا استقرينا في الأخير على ترجمة الأستاذ رشيد بن مالك واعتمدنا مصطلح "الجهاتية". وعلى العموم فقد حاولنا قدر الإمكان خلال هذه التجربة المغامرة أن أجد حلولا ولو نسبية لمشكلة ترجمة المصطلح من خلال الالتزام ببعض المبادئ التي ينصح بها العاملون في هذا المجال والتي من بينها:
- الحرص على وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد والالتزام به في كامل أجزاء البحث.
- توخي الدقة عند اختيار المصطلحات والابتعاد عن الألفاظ العامة .
- مراعاة ما اتفق عليه المختصون من المصطلحات العلمية والابتعاد قدر الإمكان، عن استنتاج أي مصطلح جديد.
ولأن كل عملية ترجمة تحتاج إلى إطار نظري يوجه القارئ ويساعده على استيعاب كل نواحي العمل حاولنا أن نقدِّم لترجمتنا من خلال فصل عنوانه بـ "تقديم: الدراسة السيميائية للنص السردي". وهو يحتوي على إشارة سريعة للمنطلقات النظرية التي استعان بها غريماس في بناء نظرية، كما يحتوي المبادئ الأساسية التي وضعها غريماس لاستخراج المعنى المتضمن في النص السردي . ويشتمل أيضا على ملخص لأهم الإجراءات التي عرضها فريق انتروفرن في كتابه موضوع ترجمنا. ودعمنا هذا الفصل ببعض الملاحظات التي رأينا بأنها قد تهم القارئ وتجعله يطرح أسئلة تمهّد ربما للقيام بأبحاث جديدة. وفي الأخير نقول بأن مهما حاولت عملية الترجمة بأن تكون وفية للنص الأصلي فلن تستطيع أن تنقل روح النص التي تأخذ خصوصيتها من روح اللغة التي تكتب بها.