يعد مؤتمر النجف الذي حدث في نهاية الصراع الطائفي الطويل الذي أثير بين الصفويين والعثمانيين قبل أكثر من قرنين ونصف، من المحطات والمشاهد الحاسمة والمؤتمرات المهمة التي دعت إلى الوحدة والتقارب المذهبي بين السنة والشيعة، وقد وجدت فيه الكثير من المقررات والمفردا
أنت هنا
قراءة كتاب مؤتمر النجف رؤية نقدية قرآنية معاصرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. الرحمة المهداة وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته ومن والاه.. وبعد
إن مفهوم الوحدة والتعايش يعد اليوم من ضرورات الأمن القومي الإسلامي بعد تصاعد حالة التوتر الطائفي والعرقي بين الفصائل والأطياف العرقية والدينية والمذهبية الموجودة على الساحة الإسلامية، لاسيما بعد أحداث نيويورك في مطلع هذا القرن، واستثمار تلك الأحداث الخطيرة لاتهام المسلمين عموماً بالتطرف والإرهاب، واستثمار تلك الأحداث لشن الحرب الشاملة على الكثير من الدول والشعوب الإسلامية بدعوى مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، والأهم من كل ذلك الدور المشبوه لبعض القوى العالمية الخفية، لإثارة المشاكل والفتن الطائفية والعرقية بين المسلمين وبشكل مكثف وملفت للنظر لمن لديه أدنى حد من الوعي السياسي، وكذلك تشجيع الصراع والصدام الإعلامي والثقافي والدموي داخل مكونات الأمة، ومحاولة تأجيج حالة التوتر الطائفي والعرقي بيننا، لإشعال الحروب الأهلية والصراعات الدموية في أكثر من بقعة في أرجاء العالم الإسلامي، واستثمار الورقة الطائفية لتنفيذ المشاريع المعادية للعرب والمسلمين، لخدمة المشروع الغربي الاستعماري الجديد تحت ستار نشر الحرية والديمقراطية في العالم العربي ومحاربة الإرهاب الإسلامي، وفرض مفردات العولمة الغربية بأذرعها الثقافية والاقتصادية والسياسية والأمنية، بعد تفتيت الدول الإسلامية وتجزيء المجزأ منها، وفق آلية سايكس بيكو جديدة، وحسب مشروع الشرق الأوسط الاستعماري الجديد.
كل ذلك التكالب المتعاظم للتوجه الاستعماري الجديد يدعونا إلى التفكير بجدية ودقة في الملف الطائفي وسبل إرساء قواعد الوحدة والتعايش البنّاء بين المسلمين في عالم اليوم المليء بالتحديات والمتناقضات والمؤامرات التي تحاول أن تنخر في جسد الأمة المتخلف الضعيف، فضلا عن حالة الوهن والعجز التي يعاني منها العرب والمسلمين اليوم بسبب انسياقهم مع تلك التوجهات والتحالفات، سواء كان ذلك بسبب جهلهم وتخلفهم وضبابية الرؤية لقادتهم ومثقفيهم للواقع السياسي المعاصر، أم بسب الاختراق والعمالة والتبعية لبعض الكيانات الهزيلة التي تم زرعها هنا وهناك في أرجاء العالم الإسلامي على مستوى الفرد والأحزاب والجماعات وربما الحكومات أيضا، بحيث أصبحنا اليوم ندور في خضم فتنة مدلهمّة ظلماء يكاد يكون فيها الحليم حيران من شدة التداخل والتشابك واختلاط الأوراق بين أهل الحق والباطل، وشدة تكالب وتداعي الأمم علينا تماما كما أخبرنا المصطفى (ص) في الحديث الشهير الذي يقول فيه: يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليذهبن الله المهابة من قلوب أعدائكم لكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.(رواه أصحاب السنن).