رواية "وقت للعبث" للكاتب الإسباني خافيير مارياس، والتي ترجمها إلى العربية الكاتب والمترجم علي ابراهيم الأشقر، نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب وقت للعبث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وقت للعبث
نظرت صوب جدران ذلك المخدع التي لم أمعن النظر فيها لمّا دخلتُ، بل كان نظري معلّقاً بالمرأة التي كانت تقودني من يدي، وكانت حينئذ منتعشة أو خجلة، والآن متوعّكة أشدّ التوعّك. كان في المخدع مرآة بطول القامة كاملة تقف إزاء السرير وكأن المخدع حجرة في فندق. (زوجان كان يسرّهما أن يتراءيا في المرآة قبل الخروج إلى الشارع وقبل الاضطجاع. وما عدا ذلك، كل ما فيه يشي بمخدع زوجي يتّسع لشخصين وفيه آثار خلّفها زوج على المنضدة الليلية الموجودة إلى جانبي. أما هي فقد انزلقت منذ البدء صوب الجانب الذي ربما تشغله كل ليلة وكل صباح كأنه أمر آلي لا يقبل الجدل): وآلة حاسبة، وفتّاحة رسائل وقناع لطرد ضوء المحيط وبعض القطع النقدية، ومنفضة متّسخة ومنبّه مع مذياع، أما الفراغ السفلي فيشغله صندوق من التبغ بقيت فيه علبة واحدة، وزجاجة كولونيا خاصّة بالرجال من طرز (لو)، ربما أهديت إليه، وربما كانت الهدية من مارتا نفسها بمناسبة عيد ميلاد حديث، وروايتان أهديتا إليه أيضاً، (أوليستا كذلك، لكني لا أحسبهما شراء) وأنبوب من دواء ريدوكسون فوّار، وإناء فارغ ربمّا لم يُتح له الوقت لرفعه قبل الانطلاق في سفره، وملحق صحيفة يتضمن برنامج تلفزة لم يره لأنه اليوم في سفر. كان التلفاز عند قدمّي السرير إلى جانب المرآة، وهذا يشي بأنها عائلة مرفّهة، وخطر لي خلال لحظة معيّنة أن أشغّله بجهاز التحكّم عن بعد، لكن الجهاز كان على المنضدة الأخرى، أي منضدة مارتا، وكان ينبغي لي أن أدور حول السرير مرة أخرى، أو أزعجها ببسط ذراعي فوق رأسها، وفي ما عساني أفكر إن كان ماداهمها كآبة أو خوف؟ وبسطت ذراعي، وأخذت جهاز التحكّم فلم تنتبّه وإن احتكّ شعرها بكمّ قميصي المشمور. على الجدار الأيسر نسخة من لوحة فنيّة فيها شيء من الحذلقة، وأعرفها جيّداً. إنها للرسام برتولوميوده فينيتزيا، رسمها في فرانكفورت. اللوحة تمثل امرأة تحمل الغار وتضع طرحة على رأسها وقد استرخت ذوائبها المعقوصة، والتاج على جبينها وقبضة من الأزاهير المختلفة في يدها المرفوعة، وصدرها مكشوف (بالحريّ من غير ستر)؛ في الجدار الأيمن خزن غاصّة بالملابس، وبيضاء اللّون كالجدار. قد تكون في داخلها الثياب أو معظم الثياب التي لم يأخذها الزوج معه في سفره إلى لندن.