أنت هنا

قراءة كتاب وقت للعبث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وقت للعبث

وقت للعبث

رواية "وقت للعبث" للكاتب الإسباني خافيير مارياس، والتي ترجمها إلى العربية الكاتب والمترجم علي ابراهيم الأشقر، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 10

لما استدارت انزلقت حاملة الثديين التي كانت تضغط عليها إرادياً أو لا إرادياً بذراعيها أو بإبطيها، وسقطت على الفراش وصار جذعها عريان، ولم تفعل شيئاً لتغطيّه: افترض أنها كانت تنازع، وأنا لم أتنبّه لذلك. وأضافت مبيّنة أنها تستطيع أن تتذكرني وأنها لم تفقد وعيها: «آي، يا مسكين! لقد شغلت التلفاز لأنك ضجر، ارفع الصوت إن شئت. ماذا ترى؟» لمّا قالت لي ذلك وكأنه صادر من أعماقها، وضعت إحدى يديها على ساقي إشعاراً بمداعبة لم تستطع إتمامها؛ ثم سحبتها راجعة إلى وضعها موليَة ظهرها ومنكمشة كأنها طفلة، أو كطفلها الذي يرقد أخيراً غافلاً عني وعنها في حجرته، يقيناً هو يضطجع في مهد، ولست أدري إن كان أطفال السنة الثانية تقريباً، يتعرّضون لخطر التدحرج خلال الليل والسقوط على الأرض إن ناموا في أسرّة كما يفعل الكبار، أم ينامون بالتالي في مهود حيث يكونون آمنين: «هو فيلم عتيق لفريد ماك موري»، أجبتها (هي كانت أصغر مني، وسألت نفسي إن كانت تعلم من هو ماك موري)، «لكني لا أراه». وكذلك الزوج ينام أيضاً في لندن غافلاً عنها، جاهلاً بوجودي، فلِمَ لا يستيقظ قلقاً، لِمَ لا يهجس، لِمَ لا يهتف باحثاً عن عزاء في مدريد، عن عزاء في بيته ليعثر هنا بصوت قلق آخر أعظم من قلقه، قلق يجعله ينبذ قلقه ذاته؛ لِمَ لا ينقذنا؟ لكن كل شيء كان منتظماً في منتصف الليل لدى كل الأشخاص أو الوجوه الممكنة التي جاءتها الأخبار متأخرّة: لدى الطفل القريب جداً والجاهل بالعالم الذي يعيش فيه تحت سقف واحد، لدى الأب البعيد في الجزيرة التي ينام فيها عادة بهدوء؛ لدى بنات حميّه أو الأخوات اللاتي قد يكنّ حالمات الآن بالمستقبل المجرّد في هذه المدينة التي لا تهدأ قطّ، والتي يصعب النوم فيها ـ نوم يأتي مغالبة وليس عادة قط؛ منتظمة لدى طبيب ما مُتعب مُنهك ربما كان يمستطاعه أن ينقذ حياة لو انتُزع تلك الليلة من كوابيسه؛ لدى الجيران في ذلك البناء، الجيران القانطين مفكّرين نياماً في اليوم التالي الذي يزداد اقتراباً، ويتقلّص الوقت كيما يستيقظوا ويتراؤوا في المرآة، ويغسلوا أسنانهم ويشغّلوا المذياع؛ ها كم يوماً آخر: ما أتعسه! هاكم يوماً آخر ما أسعده! أمّا أنا ومارتا فلم تكن أمورنا منتظمة، أنا لم أكن غافلاً ولا غارقاً في النوم، وقد كان فات الوقت طويلاً. قلت من قبلُ إن كل شيء جرى سريعاً جداً، وأنا أعلم أنه هكذا كان، لكنني إذا تذكرته بدا بطيئاً بطء حضوري له، فقد كان لديّ إحساس بأن الزمن كان يجري، ومع ذلك كان يجري ببطء شديد في الساعات (في ساعة منضدة مارتا الليلة وفي ساعة معصمي)، أنا كنت أرغب في أن أدعه يجري من غير عجل قبل كل جملة أو حركة مني، ولم أستطع، فإذا مضت دقيقة واحدة بين جملي وحركاتي تقريباً أو بين حركة واحدة أو جملة منّي، فإنيّ أحسبها عشراً أو على الأقل خمساً.

الصفحات