"الأعمال الشعرية 2/1" للكاتب والشاعر السوري نوري الجراح، الصادرة عام 2008 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر -بيروت، والتي يقول الشاعر نوري الجراح في مقدمة كتابه:
هل يحقُّ للشاعر أن يتكلم عن شعره؟
أنت هنا
قراءة كتاب الأعمال الشعرية 2/1 - نوري الجراح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأعمال الشعرية 2/1 - نوري الجراح
كما يحدث لطائر ليلي أبيض
قليلاً
قليلاً
وتحرِّك أصابعَها
قليلاً··
وتخرج من الرسم الفوتوغرافي على الحائط
على حائط الموت عشرُ ورداتٍ
في كلِّ وردةٍ قمر·
في وجه المرأةِالجميلة
مقلتان
في كل مقلة بحيرة·
لا تلمس يدي
لا تلمس يدي
أنا لستُ أنا·
على حائطِ الموتِ
بندقيتان
في كلبندقية رصاصة·
واحدة لي والأخرى لكِ·
لاتلمس يدي
لا تلمس يدي
أنا لست أنت·
في وجه المرأةِ الجميلة
بحيرتان
في كلِّ بحيرة أنا·
مرَّةً أحبَّ عصفورٌ قصبةً · انقضى
الربيعُ ورحلتِ العصافيرُ، ولم يُفلح
العصفورُ بإقناعِ القصبةِ تركَ
الضفَّةِ· انقضى الخريفُ والقصبةُ في
مكانها على ضِفَّةِ النَّهر· وعندما
جاء الشتاء ··
على حائطِ الوردِ
عشرُ رصاصاتٍ
في كلِّ رصاصةٍ عصفور·
في المدينة التي ذهبنا إليها معاً
كانَ رجلانِ
الأول أهداني وردةً
والثاني أطلق عليَّ النار·
آه
أنتِ لا تتذكَّرين
أنتِ مثلي تماماً
لا تتذكَّرين·
ولأنَّ الله أقربُ إليكِ مني
أنا أخشى عليكِ منه،
كما أخشى عليَّ
من أحدٍ وراءَ الجدارِ
يقبضُ على حفنةِ ياسمين·
على حائطِ الموتِ عشرُ ياسميناتٍ
في كلِّ ياسمينةٍ صباحٌ·
وكنسمةٍ في الرِّيفِ البعيد
حيثً لا عرباتٍ، ولا وقع خُطاً مضطربة
أنتِ تمرِّين
وأنا أعقدُ يديَّ وأقعدُ صامتاً
متأملاً تقاطيعَ وجهكِ
كم تدومُ قطرةُ المطرِ على صفحةِ الشارع؟
أنتِ تعرفين أكثرَ مما أعرف
وأنا لا أشكُّ أبداً
في أنكِ المرأة التي لا تنتظرُ أحدا·ً
ومع هذا أنا أبتعدُ عن هالةِ الضوءِ
لأراك جيداً·
كم تظلُّ الوردةُ على الغصن!
***
خيطٌ من الضوءِ، خيطٌ من الوردِ، خيطٌ من الفرح
أنا ممسكٌ بجميعِ الخيوط··
ولأن الأسى لا يمكن أن يُمسك من طرفٍ
كخيط الصُّوف
أحياناً أجِدُ بقعاً زرقاءَ ورمادية
تحت عينيك
فأبتسمُ··
كم أنت رائعة·
***
الوردةُ ليستْ للإناءِ
ما هو جديرٌ بها حقاً أن تُطفأ وتموت
كما يحدثُ لطائرٍ ليليٍّ أبيض
أو لفراشةٍ تغلُّ في الضَّوء·
وكنهرٍ رمى ضفتيه
تسقطُ السماءُ الأخيرةُ من الطَّابقِ الأخير
وتَخْفُقُ مثلَ نيزكٍ·
وأنا أندفعُ مذعوراً، مقرِّباً يديَّ من النَّار·
يحدثُ أن أبكي، ويحدثُ أن أضحك
وعلى حائط الموت أرى بقعاً بيضاءَ
فأحملُ فرشاتي، وأصِلُ الأبيضَ بالأبيضِ
وعلى المساحةِ الناصعةِ كياسمينةٍ
أرسم بالأخضرِ كوخاً
ولا أنسى المدخنةَ، وخيوطَ الدُّخان·
وكطائرٍ شديدِ الزُّرقةِ
تهبطُ السماءُ على رأس الصَّبيِّ الواقفِ أمام الحائط·
هوذا أنا مقصوفُ العمر العائدُ من الأزقة
إلى قفصِ المساء
معفَّرَ الوجهِ والثيابِ، وفي راحتيَّ عصفورٌ من طين·
***
القُبْلَةُ أولا، ثم يأتي الحُبُّ
أسرعَ من حركةِ اليدِ
أبعدَ من رعشةِ الشَّفَةِ
أكثرَ شفافيةً من الفراشةِ
وأقصرَ عُمراً من النَّحْلَة·
الرصاصةُ أولا، ويدخل الحُبُّ كرجلٍ مُسلَّحِ
يفتحُ النار على الجميع··
لا يقتلُ أحداً، ولا يجرحُ غيري·
***
عند كلِّ منعطفٍ أتوقَّعُ أن أراكِ
ووراءَ كلِّ نافذةٍ يخيَّلُ إليَّ أنكِ تجلسين
وفي الأمكنةِ التي لا يمكن أن تطرُقيها
أذهبُ لأفتشَ عنكِ·
أنتِ ما أُحِبُّ وما لا أُحِب
ما أجهَدُ في بنائه ثم أُديرُ له ظَهري
لا تلمس يدي
لا تلمس يدي·
انحلَّتِ العقدةُ
وطارتِ الشريطةُ
ومن الغيمةِ العاليةِ
تدلَّى طرفُها·
لا تصعدْ
لا تُمْسِكْ بشعري
ابن آوى يرانا·
الفأسُ في القبضةِ
والملكُ في القصر·
دمشق 1980