أنت هنا

قراءة كتاب أم الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أم الكتاب

أم الكتاب

التكرار فنّ قولي من الأساليب المعروفة عند العرب، بل هو من محاسن الفصاحة. يقول الجاحظ مبيّنًا الفائدة منه: "إن الناس لو استغنوا عن التكرار وكفوا مئونة البحث والتنقير لقلّ اعتبارهم.

تقييمك:
4.57145
Average: 4.6 (7 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 3

نبذة عن سورة الفاتحة

سورة الفاتحة هي أول سورة في القرآن الكريم، وحسب العقيدة الإسلامية لا تصح صلاة المسلم بدونها، إذ أن قراءتها ركن من أركان الصلاة. وقد سمى نبي الله محمد هذه السورة بأم الكتاب وأم القرآن في عدة أحاديث، كما صار قوله عليه السلام: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له أفضل الذكر"؛ لأنها كلمات حوت جميع العلوم في التوحيد، والفاتحة تضمنت التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير.
الفاتحة سر القرآن، وسرها "إياك نعبد وإياك نستعين" فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل .
إن هناك معنيان للاسم، أحدهما قريب، وهو لأنه أفتتح بها المصحف، والمعنى البعيد هو أنها سميت بذلك لأنها مفتاح القرآن (أي لمعانيه)، فبها تفتتح كل سورة من سوره. فكل كنوز القرآن فيها، ولو فهم المرء الفاتحة فسيفهم كل سور القرآن التي بعدها، فهي سورة بأسرار خافية، تحمل أفكارا سامية، كيف لا؟ وهي تبدأ بحمد الله ذو النعم الفاضلة، تحمل بين جنباتها روحا ساكنة، روح تهبط على القلوب الواهية، تمنحها الأمن والأمان وتحيطها بدفء يجلو ما علق بها من صدأ الدنيا الفانية، فالحمد فيه معنى الشُّكر ومعنى الاعتراف بالجميل، والسُّورة تبدأ بالاعتراف، والاعتراف فيه معنى عظيمٌ؛ لأنَّه إقرارٌ من العبد بتقصيره وفقره وحاجته واعترافٌ لله جلَّ وعلا بالكمال والفضل والإحسان وهو من أعظم ألوان العبادة. تلك هي الفاتحة السبع المثاني حياة للقلب الميت، وبصرًا للعين العمياء، وسمعًا للأذن الصماء، وريًّا للظمآن، وفيها الغنى كله، والشفاء والسلامة، ثم كتاب الله يُبصر به ويُنَطق به ويُسمَع به. وكل ما يلاقيه الناس في هذه الحياة من البؤس هو جزاء على تفريطهم في أداء الحقوق والقيام بالواجبات التي عليهم.
شكا رجل إلى الشعبي وجع الخاصرة؛ فقال: " عليك بأساس القرآن فاتحة الكتاب، سمعت ابن عباس يقول: لكل شيء أساس، وأساس الدنيا مكة، لأنها منها دحيت; وأساس السماوات عريبا، وهي السماء السابعة; وأساس الأرض عجيبا، وهي الأرض السابعة السفلى; وأساس الجنان جنة عدن، وهي سرة الجنان عليها أسست الجنة؛ وأساس النار جهنم، وهي الدركة السابعة السفلى عليها أسست الدركات، وأساس الخلق آدم، وأساس الأنبياء نوح؛ وأساس بني إسرائيل يعقوب؛ وأساس الكتب القرآن؛ وأساس القرآن الفاتحة؛ وأساس الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم؛ فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى".
سورة الفاتحة هي أعظمُ وأفضل سورة في كتاب الله، القرآن كله تفسيرٌ لها، وشرحٌ مُجملٌ لها، هي أم القرآن، وأمُ الشيء في اللغة: أي أصله، وقيل أيضاً: أعلاه، فهي أفضل القرآن وأعلاه، وقد حَوَتْ جميع مقاصده.
فقد تضمنت العقائد، العبادات، مناهج الحياة، واثبات المعاد، والنبوات، والهداية، والتوحيد بانواعة ولزومة الى الموت، كما تضمنت مراتب الهداية والوحي والالهام، وشفاء الابدان والقلوب والسيرعلى نهج الرسول ص ، ومعرفة النعمة والغنا والوعد والوعيد والتوبة وشروطها والغفلة وتضييع الوقت والمعصية وانواعها ومفسدات القلب والخوف والزهد والورع والصدق والتوكل والصبر والرضا والقضاء والقدر والمحبة والصفاء، وهي أول سور القرآن الكريم وهي سورة مكية من السور المثاني نزلت بعد سورة المدثر يبلغ عدد أياتها 7 آيات، وقد سميت هذه السورة بالفاتحة لأنها تفتتح القرآن أي أنها أول سورة فيه، وسورة الفاتحة تشمل جميع معاني القرآن الكريم ومقاصده؛ فهي كمقدمة للقرآن ككل، فقد تحدثت عن العقيدة، والعبادة والاعتقاد باليوم الآخر والإيمان بالله عز وجل وصفاته، وأفردت الله عز وجل بالعبادة والدعاء وطلب الهداية إلى الطريق المستقيم. ويؤمن المسلمون أن سورة الفاتحة تعلمهم كيفية التعامل مع الله، فأولها ثناء على الله (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)) وآخرها دعاء لله بالهداية (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)).
وهذا الترتيب الثلاثي بين الرحمة والهداية والنعمة هو ترتيب مبنيٌ بعضه على بعض؛ فمن رحمهُ الله هداه، ومن هداهُ فقد أنعمَ عليه، فالنعمة الحقيقية تكون بالرحمة والهداية.
إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ، فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛ ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال.
وهي تٌعلّم المرء كيف يتعامل مع الله، فإن أراد الدعاء فيستحّب له أن يثني على الله أولاً (فيبدأ بحمد الله تعالى وتمجيده ثم الصلاة على رسوله)، وبعد ذلك يدعو بما يشاء فإنَّ دعاءه يستجاب بإذن الله. وكلما تقرأ سورة الفاتحة فإنّ الله تعالى يجيبك. فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى.
أي شرف هذا في حوار يكرر رب العزة ذكرك فيه بالعبودية ويكافئك بالإجابة مع أنك لم تأت بجديد ولم تتفضل بشيء من عندك، فهو سبحانه أهل الثناء كما تقول وخيراً مما تقول.
والقرآن كله بعد سورة الفاتحة إما أن يكون مبيّناً للعقائد، مفسّراً معنى الحمد لله رب العالمين ومعنى الرحمن الرحيم ومعنى مالك يوم الدين.. أو مبيّنا كيف نعبد الله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). أو يخبر عن المناهج في الأرض وطرق الظالمين والهالكين وطرق الناجين.
لا يوجد في القرآن آية بدون معنى أو فائدة أو حكمة أو تشريع، فهو كلام اللّه المعجز دستور الحياة البشرية، وبناء عليه، يقصد بالآيات القرآنية تحقيق فائدة الإنسان في حياته الدينية والدنيوية والأخروية، وتربطه بالحياة.
فلا عاصم من التردي في الشهوات ومتاهات الانحراف إلا اللّه، لذا أرشدنا الحق سبحانه إلى طلب الهداية والتوفيق منه، حتى نسير على منهج الحق والعدل، ونلتزم طريق الاستقامة والنجاة، وهو طريق الإسلام القديم المستمر الذي أنعم اللّه به على النبيين والصديقين والصالحين. وهذا شأن العبد العابد الناسك العاقل العارف حقيقة نفسه ومصيره في المستقبل، لا شأن الكافر الجاحد الضال المنحرف، الذي أعرض عن طريق الاستقامة عنادا، أو ميلا مع الأهواء، أو جهلا وضلالا، وما أكثر الضالين عن طريق الهداية، المتنكبين منهج الاستقامة، الذين استحقوا الغضب والسخط الإلهي!
ومن آداب الدعاء التي أرشدت إليها الفاتحة، أن يبدأ بالحمد والثناء على الله، ثم يظهر ضعف حاله وهذه هي أحوال الأنبياء في الدعاء، وهي أكمل الأحوال والحمد لله يقتضي الثناء عليه لما هو من الجلال والعظمة والوحدانية والعزة والإفضال والعلم والمقدرة والحكمة وغير ذلك، ثم شرع لنا بعد هذا الدعاء أن نقول (آمين) ومعنى (آمين) أي اللهم استجب، يقول النبي ص : (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.

الصفحات