أنت هنا

قراءة كتاب أصول البحث العلمي في القرآن الكريم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أصول البحث العلمي في القرآن الكريم

أصول البحث العلمي في القرآن الكريم

إن من دوافع هذه الإصدارة؛ ومن أهم الاعتبارات التي تستدعي لكتابتها، وضع الخطوات الأولى للقواعد الأساسية التي تمكن الباحثين من الوصول إلى القوانين والنتائج الصحيحة في بحوثهم، وحتى يطابق ذلك مع النواميس الكونية، ويحاكي الواقع الماثل بكل صوره؛ ولا يتأتى ذلك إلا

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

وهذه التجربة مستمرة إلى أن يرث الله الأرض من عليها، لدليل آخر على نسبة تلك النتائج في البحوث العلمية للخالق العليم الحكيم حتى تأخذ كل جوانب صلاحها وفائدتها، كما أن يكون دليلاً قاطعاً بالبرهان على علم الله تعالى الذي أشار إلى بداية العمل بهذه التجربة وكيفيتها.
أما الإلهام الرباني أو الجانب الغيبي الموجود في العلوم الطبيعية نجده في مثال قرآني آخر في مخلوق جُبل على ذلك الفعل ليكون درساً للدارسين وأنموذجاً يحتذا إليه في تطبيق المناهج العلمية في البحوث في العلوم الطبيعية لقوله تعالى : ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ{68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾. سورة النحل الآيات: 68، 69.
وهكذا يكون المحيط البيئي الذي تحدث فيه دراسة تلك البحوث من الأهمية بمكان في تحديد المناهج العلمية التي تحقق للبشرية الإشباع في تلبية رغباتها من حب الاستطلاع، وطلب المزيد من المعرفة، واللتان قامت على ضوئهما الحضارات الإنسانية المختلفة، ونشأت الثقافات الكثيرة والمتعددة لها، وبهما تحقق الرصيد العلمي المتواتر لتراكم المعارف البشرية، وتزايد خبراتها المتعاقبة من جيل إلى جيل حتى أدت إلى الحضارة الماثلة التي انتهجت المناهج العلمية الحديثة وأنشأت بها المبتكرات الجديدة، ولكنها تظل ناقصة لبحثها من جانب واحد أو أساس واحد من أسس القواعد المنهجية العلمية التي تؤدي لحقائق العلم المتعارف عليها لاقتصارها جانب من الحقيقة الكاملة، وهو الجانب المحسوس الملموس المشاهد فقط، وإغفالها الجانب الغيبي بدعوى إبعاد العامل الديني من كل المناهج كما حدث لفصله في الدولة الحديثة ومؤسساتها العلمية لتلك البحوث من جامعات ومعاهد للدراسات العليا.
إن كثرة الحاجات البشرية وقضاياها المتشابكة ومشاكلها المتعاظمة لزيادة فهمها لما يدور حولها للاستفادة من ذلك في إشباع رغباتها المتزايدة كلما كثر الاجتماع البشري والحضر معاً لظهور ضرورات التواصل ومعرفة الأخبار وما ورائها بالإضافة إلى التنافس المحموم الذي يؤدي إلى الصراع الشديد على الحصول للفائدة القصوى من الموارد الطبيعية والبشرية على حد سواء، ولتكوين القوة التي تمكن من الاستيلاء على ما هو موجود من موارد شحيحة إذا تعاظم وكثر عدد الأنفس على هذا الكوكب، ولا يتأتى ذلك إلاّ إذا امتلك الإنسان السلطان العلمي الذي يكشف به الجديد المفيد من معلومات، وهذا لا يكون إلا بشيئين أساسيين أو نزعتين مفطورة عليها النفس الإنسانية ومرتبة ترتيباً دقيقاً على حسب الأسبقية في الخلق كما يحدث في الاستمارات العلمية الحديثة التي ترتب للمعلومات الأول فالأول، ولذلك قال تعالى : ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ "سورة الشمس الآيات: 7، 8، 9، 10".
فالحاجات الإنسانية كثيرة جداً؛ ولنأخذ على سبيل المثال أو الاستفسار والتوضيح لكُنْه الأشياء قال تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ{1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ{2} خَلَقَ الْإِنسَانَ{3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ{4} الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾. "سورة الرحمن الآيات:1، 2، 3، 4". ثم إن كذلك في حاجات الإنسان الحديثة غزو الفضاء ومعرفة علوم الأرض وما فيها من مياه ويابسة لا يكون ذلك إلاّ بسلطان العلم ودليله، الذي كان الأمر الإلهي الأول عند نزول القرآن الكريم حيث قال تعالى موحياً لرسوله صلى الله عليه وسلم : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. "سورة العلق الآيات: 1، 2، 3، 4، 5". ولذلك قيل العبرة بعموم السياق لا بخصوص السبب.
وهكذا تكون الأسس العامة للمناهج العلمية في القرآن والتي تفقدها تلك المناهج التي تمثل الحضارة الإنسانية القائمة؛ فإنها تفتقر للجانب الغيبي الذي يجعل من النتائج العلمية الناتجة ناقصة ومستمرة في التغيير ما لم تنتبه لهذه الحقيقة العلمية المهمة جداً، ومن هنا تكون الانطلاقة لتصحيح المناهج العلمية لكي تعم الفائدة.

الصفحات