أنت هنا

قراءة كتاب ذكريات الوطن والغربة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ذكريات الوطن والغربة

ذكريات الوطن والغربة

كتاب "ذكريات الوطن والغربة"، هذه ذكرياتي عن الوطن ، وما كان فيه من مشاهد وأحداث .. وعن الغربة وما رأيتُ فيها من مشاهد وأحداث .. اتبعت في كثير منها التسلسل الزمني .. ولم أكتب شيئاً منها في حينه إلا القليل ، ولم أسطر إلا بعض الذكريات ..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 7

• الجانب الديني والتعليمي :
إن جميع أهل القرية مسلمون ، وقلّ أن تجد فيها شاباً غير متعلم .. ويوجد في صانور مسجد قديم يُعتقد أنه أسّس أيام الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. وقد جُدّد بناء المسجد ، كما يشير بذلك حجر وُجد فيه وتم تثبيته في صدر المسجد ، مكتوب عليه :
بسم الله الرحمن الرحيم .. "جدّد هذا المسجد المبارك الحاج محمد بن سعيد بن يحيى بسادس عشر من شهر ربيع أول سنة خمس وثمان ماية والحمد لله رب العالمين" . ويوافق هذا التاريخ 1402م .
وفي أوائل القرن الثامن عشر الميلادي كانت القرية بقايا أطلال لا يسكنها أحد.. ولما شُيّدت قلعة صانور فوق تلك الأطلال بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، أي بعد منتصف القرن الثامن عشر الميلادي ، تمّ بناء المسجد من خيمتين كبيرتين في مكان المسجد الأول .. وفي عام 1269هـ الموافق 1852م قام الشيخ قاسم محمد الجرار بتجديد المسجد وتوسعته بإضافة غرفتين له ، كما يتضح ذلك من الكتابة الموجودة على باب المسجد(15) .
وفي عام 1943م قام أهل القرية ببناء خيمة ثالثة وإضافتها للمسجد . وأصبحت مساحة المسجد الكلية تقارب مايتين واثنين وثلاثين متراً مربعاً .
لهذا المسجد فضل كبير على أهل القرية .. ففيه كانوا يلتقون بإمام المسجد ويستمعون للمواعظ التي تنفعهم في دينهم ودنياهم . وفيه كان أبناء القرية يتعلمون منذ أيام العهد العثماني ، وأيام الانتداب البريطاني . وبعد بناء مدرسة مستقلة في القرية وانتقال الطلاب إليها ، خصّصت غرفة من غرف المسجد للنساء يؤدين فيها الصلاة ، وأضيفت إليه دورة مياه ومتوضأ يستعمله ضيوف القرية وأبناؤها .
وقد تناوب على مسجد صانور عدد من العلماء الكرام خلال القرن العشرين ، فكانوا يخطبون الجمعة ويؤمون الناس في الصلاة ، ويعطون الدروس في المسجد .. وكان في مقدمتهم الشيخ موسى السيد من قرية جيت ، والشيخ رفيق العنبتاوي من عنبتا ، والشيخ محمد السلفيتي ، والشيخ رفيق حوّا من ميثلون ، والشيخ شحادة أبو الضباع من الخليل ، وغيرهم . وكانت تمر على المسجد فترات لا يوجد فيها إمام ، فكان الشيخ فريز الحاج محمود يأتي إلى القرية في إجازته الأسبوعية ، ويخطب الجمعة ، ويعود إلى عمله ، وكان في تلك الفترة يعمل ضابط مهاجرة في منطقة بيسان، وكان أهل القرية يجلّونه ويقدّرون له هذا العمل .
وكان الحاج حسن جاراً للمسجد وهو من أهل القرية ، وكان صاحب صوت جهوري جميل ، وكان يؤذن للصلاة لفترة طويلة من الزمن ، وكان أهل القرية وأهل قرية ميثلون التي تبعد (2كم) عن صانور يسمعون أذانه . وفي شهر رمضان كنت وجميع أبناء القرية الصغار نقف باب المسجد قبل غروب الشمس بدقائق ، وعندما يرتفع صوت الحاج حسن بالأذان ننطلق في حارات القرية ونصيح قائلين "إفطروا يا صائمين" ، ونكرر هذا يومياً طيلة شهر رمضان . أما يوم العيد فكان جميع أهل القرية يلتقون في المسجد لصلاة العيد ، وبعد الصلاة يتوجّه الكبار إلى مقبرة القرية لزيارة الأموات وقراءة الفاتحة .. ثم يتوجهون إلى ديوان المختار ، وإلى دواوين عدد من وجهاء القرية للمعايدة .
وفي عام ألفين ميلادية قام أهالي القرية ببناء مسجد ثان ، وتولى الخطابة ودروس الوعظ في المسجدين شابان من شباب القرية هما : الشيخ زياد صادق عبد الله ، والشيخ شحادة محمود أمين .. وكان لهما جهد مشكور في توجيه أبناء القرية إلى الإسلام . وفي هذا العام 2006 بدأ الخيّرون ببناء مسجد ثالث في مدخل القرية .
أما الجانب التعليمي ، ففي القرية مدرسة تأسست في العهد العثماني عام 1305هـ الموافق 1887م ، وكان إمام المسجد يقوم بتعليم أبناء القرية في إحدى غرف المسجد . وفي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين قام أهل القرية ببناء حجرة كبيرة للمدرسة في الجهة الجنوبية من القرية ، وتمّ نقل الطلاب إليها . وبقي إمام المسجد يدرّس الطلاب الصغار لفترة من الزمن ، كصف تمهيدي ، وبعده يلتحق الطالب بالمدرسة . وكانت حجرة المدرسة الوحيدة تضم أربعة صفوف من الأول الابتدائي حتى الرابع الابتدائي ، ويدرّس الجميع معلم واحد . وبقي هذا حال المدرسة حتى نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948م .
التحقتُ بالصف التمهيدي عام 41/1942 ، وكان عدد الطلاب قليلاً . وكان الشيخ رفيق العنبتاوي يدرّسنا في الحجرة المجاورة للمسجد . وفي عام 42/1943 التحقتُ بالصف الأول الابتدائي ، وكان يدرّسنا الأستاذ إبراهيم سليمان جرار (من الهاشمية) ، وفي عام 43/1944 في الصف الثاني الابتدائي درّّسنا الأستاذ محمود عودة (من بديا) ، وفي عام 44/1945 في الصف الثالث الابتدائي درّسنا الأستاذ سليم عزوقة ، وفي عام 45/1946 في الصف الرابع الابتدائي ، درّسنا الشيخ محمد علي البزّاري الذي كان يدرّس الصفوف الأربعة واللذين لا يتجاوز عددهم خمسين طالباً في حجرة واحدة . وأتذكّر من الطلاب الذين كانوا معي في تلك السنة ، الإخوة : فتح الله فايز جرار ، أديب محمد سعيد العماوي ، محمود ذيب اليونس ، محمود سعيد العاصيري ، رشدي ياسين العبد الرحمن ، أنيس صادق العماوي ، فريد ناجي قعدان، عاهد حسين ذيب .
وبقيت المدرسة على هذا الحال إلى أن حدثت نكبة عام 1948م .. وعاد إلى صانور الأستاذ طاهر أحمد الحاج حسين ، وكان قد عمل مديراً لعدد من المدارس أيام الانتداب البريطاني ، ومنها مدارس رفيديا ، أم الفحم ، قلقيلية ، عنبتا ، يعبد ، طيرة حيفا .. وتسلّم إدارة مدرسة صانور وأخذ يحث أهل القرية على بناء غرف جديدة للارتقاء بالمدرسة إلى صفوف أعلى ، وصارت المدرسة إعدادية كاملة ، وقد ضمت في عام 66/1967م (175) طالباً . وكان قد تخرّج من أبناء صانور مجموعة أنهوا المرحلة الثانوية ، وبعضهم أنهى الدراسة الجامعية ، وعملوا في حقل التعليم في مدرسة صانور ، وفي غيرها من مدارس الضفة الغربية ، وفي مقدمتهم الأساتذة : نايف زهدي جرار الذي عمل في مدرسة صانور ، ثم عمل مديراً لمدرسة جبع ، وحيدر محمد عباس ، وحسني أدهم جرار ، ومحمد كامل مصطفى جرار ، وحسين أبو علي النصر ، وبشير جوهر العبد الرحمن ، وفواز ياسين ، ومحمد أدهم جرار ، وعبد الهادي العماوي ، ولطفي عبد الغني ، وسليم محمد السليم ، وحسني عمر ، وغيرهم .. ومن الأساتذة القدامى – من أبناء صانور – الذين عملوا فترة طويلة في حقل التعليم : الأستاذ محمد عباس خضر (أبو حيدر) الذي عمل في عرابة وزرعين وغيرها ، كما عمل مديراً لإحدى مدارس جنين ، والأستاذ عبد الهادي جرار الذي عمل مدرساً في عكا ويافا من عام 1936-1948 ، ثم عمل مدرساً ومديراً في جنين ، والأستاذ عبد الرؤوف الحاج نصر الذي درّس في عدة مدارس ، والشيخ توفيق جرار الذي عمل مدرساً في مدرسة جنين الثانوية من عام 1946-1953م ، ثم عُيّن مفتياً لمحافظة جنين .
وفي عام 1999م أصبح في صانور مدرسة ثانوية للذكور ، وثانوية للإناث ، ومتوسطة لوكالة الغوث . كما تمّ إنشاء روضتين لتربية الأطفال وتعليمهم .
وأهل صانور كباقي أهل فلسطين ؛ وجدوا في العلم سلاحاً يصارعون به الاحتلال ، فاهتموا به ، وأصبح عدد كبير منهم من حملة الشهادات الجامعية في التربية والشريعة والآداب ، والطب والهندسة والعلوم ، والاقتصاد والحاسوب ، وغيرها من المجالات العلمية والتربوية .

الصفحات