أنت هنا

قراءة كتاب السياحة الدينية الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السياحة الدينية الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية

السياحة الدينية الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية

حظي الأردن بأنه بلد مبارك؛ لأنه من أكنافِ بيت المقدس؛ وفي بيت المقدس وفيما حوله قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنّ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 6

معالم البتراء ووادي موسى
ضريح النبي هارون عليه السلام ومقامات العلماء

رسول الله هارون بن عمران عليه الصلاة والسلام هو شقيق رسول الله موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، ولد في عام المسامحة، إذ كان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل عاماً، ويدع القتل عاماً آخر، فإذا ترك القتل سُمي ذلك العام بعام المسامحة.
ورد اسم هارون عليه السلام في القرآن الكريم عشرين مرة، في ثلاث عشرة سورة، منها تسع عشرة مرة يُراد بها نبي الله هارون عليه السلام بالاتفاق، وواحدة في أخي مريم، وهو قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}40، وليس المراد به نبي الله هارون عليه السلام؛ إذ بينه وبين مريم أم عيسى عليه السلام قرون كثيرة، وفي صحيح الإمام مسلم عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: (لَمّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي؛ فَقَالُوا: إنّكُمْ تَقْرَؤُونَ: {يَا أُخْتَ هَرُونَ}، وَمُوسَىَ قَبْلَ عِيسَىَ بِكَذَا وَكَذَا، فَلَمّا قَدِمْتُ عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنّهُمْ كَانُوا يُسَمّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصّالِحِينَ قَبْلَهُمْ)41، فالمراد أنهم شبهوها بعابد من عُباد زمانهم، كانت مريم تساميه في العبادة، وكان اسمه هارون.
أرسله الله تعالى إلى أهل مصر، إلى فرعون وبني إسرائيل، ولم يكن مستقلاً في رسالته، وإنما كان معاوناً لموسى عليه السلام ووزيراً له، ذلك أن موسى عليه السلام لمّا أمره الله سبحانه وتعالى بدعوة فرعون؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا}42.
وفي وادي موسى على قمة جبل من جبال البتراء يوجد مقام ومسجد النبي هارون عليه السلام، ويبعد حوالي 250 كم عن العاصمة عمان، قرب مدينة البتراء التاريخية، ويقع في أعلى نقطة في البتراء وعلى ارتفاع (135) متراً، ومن بلغ المكان انكشف أمام ناظريه مشهد غني بالمناظر الطبيعية المتنوعة.
ويرجع تاريخ بناء المقام إلى بداية القرن الثامن الهجري، فقد كتب على أعلى باب المقام (تاريخ تجديده سنة 709 هجرية)، قال ابن فضل الله العمري43: (قبر هارون في السيق ببلاد الشَّوبَك)، والمقام على قمة جبل ، ويتألف البناء من مسجد تعلوه قبة، وهو المقام الذي تتناقله الأجيال هناك أنه مقام رسول الله هارون عليه السلام.
 
كانت البتراء عاصمة الأنباط ، قال المقريزي: (لم يتخذ الأنباط دمشق قصبة لهم؛ لبعدها عن محور المملكة، فكانت عاصمتهم سلع، في وادي موسى)44؛ والمراد بسلع البتراء؛ وسمي وادي موسى بهذا الاسم نسبة إلى رسول الله موسى عليه السلام؛ قال ياقوت الحموي45: (وادي مُوسى منسوب إلى موسى بن عمران عليه السلام؛ وهو واد في قبلي بيت المقدس؛ بينه وبين أرض الحجاز؛ وهو واد حسن كثير الزيتون، وإنما سمي وادي موسى لأنه عليه السلام لما خرج من التيه ومعه بنو إسرائيل كان معه الحجر الذي ذكره الله تعالى في القرآن، وكان إذا ارتحل حمله معه وخرج، فإذا نزل ألقاه على الأرض، فخرجت منه اثنتا عشرة عيناً؛ تتفرق على اثني عشر سبطاً، قد علم كل أناس مشربهم فلما وصل إلى هذا الوادي، وعلم بقرب أجله عمد إلى ذلك الحجر فسمّره في الجبل هناك، فخرجت منه اثنتا عشرة عيناً وتفرقت على اثنتي عشرة قرية؛ كل قرية لسبط من الأسباط ثم مات موسى عليه السلام، وبقي الحجر على أمره هناك، وحدثني القاضي جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف أدام الله علوَه أنه رآه هناك، وأنه في قدر رأس العَنز، وأنه ليس في هذا الجبل شيء يشبهه)، انتهى كلام ياقوت، والمراد بالعالم جمال الدين هو الشيباني القُفطي الذي عاش بين ( 568 هـ) و (646 هـ) وهي الفترة الموافقة 1172 م- 1248 م، وذكر ياقوت أن الشوبك كانت خراباً وعمرّها أحد ملوك الفرس، ولعله يريد بالخراب ما يعرف اليوم بالبتراء.
وفي التاريخ يطلقون اسم الشوبك على وادي موسى؛ قال ياقوت46في الشوبك: (قلعة حصينة في أطراف الشام بين عُمَان وأيلة والقلزم قرب الكرك، وذكر يحيى بن علي التنوخي في تاريخه أن يقدور الذي ملك الفرس سار في سنة 509 إلى بلاد ربيعة من طيئ وهي ياق والشراة والبلقاءُ والجبال ووادي موسى ونزل على حصن قديم خراب يعرف بالشوبك بقرب وادي موسى، فعمره ورتب فيه رجاله، وبطل السفر من مصر إلىِ الشام بطريق البرية مع العرب بعمارة هذا الحصن).
ولقد نسب إلى وادي موسى الشيخ يوسف بن إبراهيم الصُهيبي، الذي رحل إلى مروَ وتفقه بها وسمع أبا منصور محمد بن علي بن محمد المروزي وكان متقشفاً، وكان شافعياً، وبلغني أنه قتل بمرو سنة 535 هـ47.

الصفحات