كتاب "مع سيرة الحبيب - سلسلة حوارات إسلامية للناشئة" للكاتب د. إبراهيم الدعمة، عبارة عن سلسلة حوارات في سيرة الحبيب الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم). نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب مع سيرة الحبيب - سلسلة حوارات إسلامية للناشئة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

مع سيرة الحبيب - سلسلة حوارات إسلامية للناشئة
الصفحة رقم: 9
عمّار : أعتقد أن ذلك كان في غار حراء ، أليس كذلك يا زيد ؟.
زيد : بلى يا عمار ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في غار حراء من كل سنة شهر رمضان ، فإذا قضى جواره من شهره ذاك كان أول ما يبدأ به الكعبة ، فيطوف بها سبعاً ، أو ما شاء الله من ذلك ، ثم يرجع إلى بيته .
عمّار : وما الحكمة من تلك الخلوة يا زيد ؟.
زيد : الخلوة مع النفس يا عمار وسيلة من وسائل تربيتها ، فعندما يختلي الإنسان مع نفسه يكثر من التفكير في عظمة الله عز وجل ، وبديع خلقه ، ونعمه عليه فتزداد محبة الله عز وجل في نفسه ، وكلما وجد الإنسان في قلبه قسوة ، أو احتاجت نفسه إلى المحاسبة أو التربية يحاسبها على تقصيرها أيضاً ، ولا يتم ذلك إلا بالخلوة والابتعاد عن شواغل الدنيا بين الحين والآخر.
عمّار : وكانت بداية الوحي في ذاك الغار يا زيد ؟.
زيد : نعم ، فعندما أراد الله سبحانه وتعالى ما أراد من إكرام الرسول عليه الصلاة والسلام بالبعثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غار حراء ، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله عز وجل فيها بالرسالة ، ورحم العباد به ، جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بأمر الله عز وجل وهو نائم ، فأجلسه وقال له : اقرأ ، قـال : ما أقرأ ، قال عليه الصلاة والسلام : فغطني ( جذبني بشدة ) حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، قالها ثلاثاً ، فقال جبريل عليه الصلاة والسلام : " اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلــم " [ العلق : 1- 5 ] ، قال : فقرأتها .
عمّار : إنه لموقف رهيب يا زيد ، وهل بقي الرسول عليه الصلاة والسلام بعد ذلك في الغار ؟.
زيد : كلا ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار ، حتى إذا كان في وسط الجبل ، سمع صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ، قال عليه الصلاة والسلام ، فرفعت رأسي فإذا جبريل في صورة رجل صافٍ قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل .
عمّار : وهذه كانت بداية بعثته صلى الله عليه وسلم يا زيد .
زيد : ذهب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى بيته وهو يقول : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم أخبر خديجة رضي الله عنها بما حصل معه ، فذهبت بدورها إلى ابن عمها ( ورقة بن نوفل ) وكان ضريراً ، وأخبرته بما حدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فبشرها بكل خير ، وقال لها لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت ، ولقد كان ذلك أول تكليف له عليه الصلاة والسلام بحمل الرسالة التي أكرمه الله عز وجل بها .
عمّار : وهل بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته مباشرة بعد ذلك يا زيد ؟.
زيد : كلا يا عمار ، فقد انقطع الوحي عن الرسول عليه الصلاة والسلام ستة أشهر تقريباً حتى ظن الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل قد قلاه ، فضاقت به نفسه ، حتى بلغ به الأمر من فرط جزعه وحزنه أن حاول أن يلقي بنفسه من أعالي الجبال ، فإذا بالوحي يأتيه عليه الصلاة والسلام ثانية ، فيعود إلى أهله ، يقول زملوني زملوني ، فزملوه ، فنزل عليه بعد ذلك قول الله سبحانه وتعالى " يأيها المدثر ، قـــم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر " [ المدثر : 1-5 ] فكانت تلك بداية طريق الدعوة إلى الله عز وجل .