في روايته الأولى يتحدث الكاتب اللبناني ابراهيم عيسى عن مغامرته الثلاثية، يتأرجح قلمه على زخّات فقدانه والده، فرح يرحل في شبابه، ثم حبيبة لا ندري إنْ كانت القاتلة أم المقتولة أم الاثنتين معاً، أخيراً إلى وطن أشبعه سموم الطائفية.
قراءة كتاب إلى اللقاء قاتلتي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اليوم رأيتك حين كنت ألعب دور أستاذ المسرح وأنت الممثلة الواقفة على تلك الخشبة، كنت تمثلين دورك ببراعة، كل أدوارك تتقنينها بامتياز...
أكنت في لحظتها تمثلين دورك كطالبة أم كنت تمثلين دورك في حياتي؟
أَلَاحَظَ أصدقاؤك أنك تلعبين الدورين أم فقط أنا المخرج المجنون رأيت ذلك؟
ما أصعب الذي رأيته وما أجمله، أحب أن أمتع نظري بك وأنت تختالين أمامي كممثلة هوليوودية، أرى فيك نيكول كيدمان وأنجلينا جولي وأنوثتك الفنية، وأحب ممارسة دور المخرج المتسلط عليك، أفجر رجولتي التي تصبح طفولة بين يديك في وقت لاحق...
أمرّ معك وأعيش كل هذا التناقض الجميل والبشع في آن واحد...
يأكلني عطرك دون أن يلاحظ أحد من الموجودين ذلك، وكأنني مدمن لو استطاع لالتقط عنقك وشمه إلى آخر نفس.
أليست الحياة مسرحاً ونحن الممثلين؟ أليست بأيامها وأوقاتها وتفاصيلها عبارة عن مسرحية مكتملة المشاهد...وما أصعب لعبي وإتقاني كل تلك الأدوار التي أؤديها فوق مسرح حياتك وعلى مسرح حياتها هي أيضاً...
عشيق أنا أم خائن لك؟ أمخرج وأستاذك في المسرح؟ أم ممثل في مسرحك الحي؟ دور ألعبه أم ضائع فيّ هذا الدور؟
سابقاً لم أكن أعرف من أنت، وكيف دخلت حياتي وحائر في هويتك السرية، الآن ضائع في هويتي الحقيقية، وفي معرفة دوري في هذه الحياة... برغم معرفتي نفسي حائر أنا في نفسي...
حائر فيك وفيها، ومتشرد في أحداث الأيام، ألتقط نفسي من رصيف إلى آخر ومن صفحة إلى أخرى بين الكلمة والحرف.
* * *
قالت إنها ستوافيني الليلة في مقهاي في الأشرفية، حيث أكتبك دائماً وحين ترافقينني أنت لتكتبي تفاصيلك وتكتبيني تفاصيل في أيامك وفي سر حياتك.
وكالمعتاد يسألني النادل (سايد) عن قهوتي البيضاء:
- - لا، شكراً (سايد) أكتفي فقط بنرجيلتي المعتادة.
- - وليه يا باشا؟
لأنني اليوم لن أرشف شفتيك ولن أدعهما تقبلان أول قبلة لفنجاني، اعذريني سيدتي، اليوم لن أستحضرك في قهوتي، فرائحة عطرك لا تزال تسكنني.
وهي آتية الآن لن أدعها تلعب دورك بمراقبتي أقبلك في قهوتي.
لن أدعها تضع لي قطعة السكر الواحدة وتذوب نفسها في فنجاني.
أستسمحك صغيرتي، دعي الفنجان وقطع السكر، دعيني... فقد قلت لك: صعب لعبي لدوري المتناقض السيئ، صعب أن أمرر نفسي وأذوبها في دخان نرجيلتي كل مرة.
سوف أدعها تكتب أحداثها هي، فمن الآن فصاعداً لكل منكما أحداثه وقصصه ولي أنا الحق في جمعكما في روايتي.
يقترب مني (سايد) ليسألني عمّا أكتبه...
في كل مرة يكسر حاجز النادل الموظف والكاتب القابع في زاوية مطعمه ويرتاح في أسئلته لي...
هو بدوره مشارك في هذه الأحداث دون أن يدري، يلعب دوره في هذه المسرحية دون العلم بمشاركته التمثيلية في هذه الرواية...
يرتاح قلمي قليلاً وأرتاح أنا من اضطرابي النفسي وضياعي بينكما.